أثناء الدراسة في الجامعة عملت بدوامٍ جزئي في دائرةٍ حكومية، في تلك الفترة طلب أحد الموظفين – وكان لا يحسن القراءة والكتابة – أن أكتب له طلب إجازته العادية التي هي من حقوقه الوظيفية استناداً إلى نظام مجلس الخدمة المدنية، كتبت في الطلب الموجّه لمدير الإدارة: «آمل الموافقة على منحي إجازتي السنوية بغرض الراحة والاستجمام»، بعد ساعاتٍ عاد بخطابٍ آخر، ضاحكاً على ما فعلت بعد أن قرأه الزملاء له، كان الخطاب الجديد يتضمن فيما معناه: «أطلب من الله ثم منكم التكرّم بقبول طلب إجازتي مراعاةً لظروفي العائلية». في الصحف الورقية والإلكترونية تتناثر يوميا أخبار تحمل نفس ثقافة «تسوّل الحقوق»: مرضى يناشدون من يعالجهم، عاطلون يناشدون من يوظّفهم، مظلومون يناشدون من ينصفهم.. إلى غير ذلك من المناشدات؛ في الوقت الذي ما أوجدت فيه مؤسسات الدولة ووزاراتها وهيئاتها إلا لضمان تلبية هذه الاحتياجات دون توسّل. في النظام الأساسي للحكم حرصت الدولة على تبيان هذه الحقوق وأنها من واجباتها الأساسية؛ كما في نصوصٍ منها على سبيل المثال لا الحصر: (يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.. تعنى الدولة بالصحة العامة، وتوفّر الرعاية الصحية لكل مواطن.. توفّر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها.. تيسّر الدولة مجالات العمل لكل قادرٍ عليه.. تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية). إنّ الفشل في تحقيق أي مادة من مواد النظام الأساسي للحكم يتطلب مساءلة الجهة والوزارة المسؤولة عن ضمانه رسميا وإعلاميا وشعبيا. ثقافة المطالبة بالحقوق ومساءلة المخفقين في تحقيقها تساهم في تطوير الوطن بينما تعيق ثقافة تسوّل الحقوق تنميته.