حين ظهرت المدارس الأهلية سدت حاجات عديدة عند الناس منها تدريس أبناء غير السعوديين الذين يتجاوزون النسب في المدارس الحكومية ووجود مستويات التدريس في بعض هذه المدارس أفضل من المدارس الحكومية وخاصة في اللغة الإنجليزية والحاسب والمواد العلمية، وقامت الدولة بدعم هذا القطاع الناشئ بالمادة والكوادر الإدارية، والآن استوى هذا القطاع على سوقه وأصبحت هناك مدارس تفوق المدارس الحكومية من حيث المناهج وكوادر التدريس والتجهيزات والإمكانات ولكن في الوقت نفسه هناك مدارس أكثر سوءاً وأقل إمكانات من المدارس الحكومية وأقل ما يمكن أن توصف به هو أنها جناية على تعليم أبنائنا، ومع توسع القطاع ظهرت بطبيعة الحال مشكلات كثيرة تتعلق بالمستوى والإمكانات والتجهيزات وتفاقمت مع ضعف الإشراف عليها حتى أصبحت في كثير من جوانبها سوقاً غير واضح المعالم، وكان من المفترض في مثل هذه المنشآت الربحية وبالذات التعليمية منها أن تطبق عليها معايير الجودة الحقيقية وليست الشكلية بالأيزو والاعتماد الأكاديمي، وأن تكون هناك معايير حقيقية للتصنيف على غرار الفنادق والمستشفيات، ويدلك على ذلك أن في مدينة جدة ثمانين مدرسة أهلية لم تحصل إلا مدرسة واحدة فقط على تصنيف أ وثلاث مدارس حصلت على تصنيف ب والبقية في تصنيف ج، ولو افترضنا بالمنطق أن مجموع الثمانين مدرسة يجب أن يوزع على الفئات الثلاث فإن فئة أ، ب يجب أن يكون فيهما 53 مدرسة، بينما الحاصل أن فيها %5 من عدد المدارس بينما %95 من المدارس في الفئة الأخيرة، ومع هذا التدني في التصنيف ارتفعت رسومها بشكل مرهق لدرجة أن مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة قرر أن تقوم وزارة التربية والتعليم بمراجعة الرسوم الدراسية للمدارس الأهلية، وأرى أن تقوم الوزارة على غرار نجوم الفنادق بوضع معايير صارمة للتصنيف تحدد الرسوم على ضوئها وتراعي معايير الجودة والتجهيزات والأداء ومستوى الكوادر وعدم التساهل فيها، بحيث يدخل في هذا القطاع الاستثماري من لديه الإمكانية والقدرة، أما أن تكون المدارس هزيلة والرسوم عالية فهو «حشف وسوء كيلة» لأن التساهل في هذا القطاع هو التساهل في إعداد جيل قادم نتحمل نحن وزره كما تحملنا وزر تساهلنا في التعليم الحكومي لعقود من الزمن.