صديقي المصري يعرب عن خيبة أمله في «الإخوان» وقد دخلوا علانية لعبة السياسة: «دول طلعوا أي كلام». سألته: كيف تصفهم ب»أي كلام» وهم من يقود المشهد الآن؟ قال إنهم يجيدون التنظير وينقضون الوعود ويحترفون تبرير ما يخدم أهدافهم. قلت له: أهلاً بك إلى عالم السياسة. المشكلة ليست في الإخوان لكنها فيمن ظن أنهم أقرب للملائكة مُصدقاً أن «الإخوان هم الحل». قال: ولكنهم يٌسيسون الدين من أجل الوصول للسلطة. قلت له: أهلاً بك إلى عالم الواقع يا صديقي: وهل الإخوان وحدهم من يُسيس الدين من أجل السلطة؟ سألني ممتعضاً: كأنك تؤيد وصول الإخوان للسلطة؟ أجبته أن تأييدي أو عدمه لن يقدم ولن يؤخر. أما وقد رضيت الناس بصناديق الاقتراع فليس أمامها بد من قبول نتائجها. المهم هنا أن السنوات القليلة القادمة ستبين للناس أن تحقيق مبتغاها في التنمية وإصلاح الأحوال لا يأتي بالوعود من فوق المنابر، ولا بالكلام الكبير الذي ما إن اصطدم بالواقع حتى تلاشى هباءً منثورا. إني مع مقولة «الميدان يا حميدان». أي: إن التجربة ستكون المحك. فإن فاز الإخوان ونجحوا في إدارة البلاد وتحقيق التنمية فأهلاً وسهلاً. وإن فشلوا فقد كسب المواطن العربي معرفة الفرق بين الأحلام والحقائق، بين الخيال والواقع. وأسقط بالتالي تلك «القدسية» في نظرته لكل من لبس عباءة الدين وشرع يطلق الوعود كما لو كان يملك عصى موسى! ازداد غضب صديقي وسألني: لماذا لا تعترف أنك إخواني؟ أجبته: لا إخواني ولا إخوانك. فكل ما أتمناه أن يخوض الإنسان العربي تجربة سياسية مختلفة يتعلم فيها كيف يختار من يدير شؤون بلاده بآلية قوامها العمل الجاد والمعرفة الحقيقية والانفتاح الذكي على المستقبل. نحن بحاجة أن نفرق بين المؤهل الجاد وبين «الفهلوي» الذي لا يبيعنا سوى كلام في كلام!