تم الحديث في المقالة السابقة عن أحد برامج مؤسسة الملك خالد الخيرية، وهو برنامج «حوارات تنموية». تختار المؤسسة كل عام موضوعا ذا شأن تنموي، وتقوم بالتنسيق مع الجهات المعنية به، وفتح حوار موسع بين صناع القرار وأصحاب الرؤية والفكر والمختصين، ثم الخروج برؤية أو مبادرة أو برنامج. فهي حوارات تفضي إلى عمل وتنفيذ، وهذا ما يجعلها أكثر تأثيرا. ويؤكد الدور الذي يجب أن تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في الرقي بالمجتمع، ودعم مسيرته التنموية. وتستحق مؤسسة الملك خالد ومسؤوليها الشكر والتقدير على هذا الجهد المتميز. حوار هذا العام، وهو الثالث في سلسلة الحوارات التنموية، اختير له عنوان «الشباب والتنمية: قضايا وطموحات». واختار الشباب ثلاثة موضوعات رئيسة، تحدثوا عنها أمام أصحاب القرار. هذه القضايا هي «التعليم والبطالة»، و»المواطنة والشباب: مسؤولية من؟» و«الثقافة والحوار». وقد نتج عن مناقشات هذه القضايا، ثلاث مبادرات شبابية. أولها مبادرة «مستقبلي»، التي تبنى تنفيذها معالي المهندس عادل فقيه، وزير العمل. وتتمثل في إيجاد موقع إليكتروني، يحوي معلومات عن مختلف التخصصات وفرص عملها المستقبلية في القطاعين الحكومي والخاص. والهدف من هذه المبادرة إرشاد الشباب والشابات، لاختيار المسار الأكاديمي الذين يتيح لصاحبه فرص عمل مستقبلي أفضل. وطبيعي أن يتم تحديث هذه المعلومات دوريا، لتواكب التغيرات التي يمر بها المجتمع. أما المبادرة الثانية فتتمثل في إنشاء «نوادي الشباب الحوارية» في مختلف مناطق المملكة، لتكون مراكز حوار دائم حول قضايا الشباب والمجتمع ومستقبل الوطن. وقد تبنى تنفيذها معالي الأستاذ فيصل بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. وتم الاتفاق بين الشباب وأصحاب القرار أن يكون لهؤلاء الشباب دور أساس في الجانب التنفيذي لهذه المبادرات. المبادرة الثالثة، ولعلها الأبرز، فتتمثل في إنشاء «مجلس وطني للشباب»، وهي مطالبة تنم عن وعي حقوقي ومجتمعي. وتتجه الفكرة أن يكون هذا المجلس صوت الشباب المعبر عن رؤاهم وطموحاتهم. وإذا كان موقعه الرئيس في العاصمة، فإنه من المتوقع أن تكون له فروع في كافة مناطق المملكة. ويفترض أن يعتمد المجلس أسلوب الانتخاب لاختيار أعضاء مجالسه. غير أن السؤال تمثل في «من يتبنى هذه المبادرة من الجهات الرسمية؟». كبر السؤال لأن الجهة الراعية للشباب افتراضيا وهي «الرئاسة العامة لرعاية الشباب»، كانت غائبة عن الحوار، وحين تم التساؤل أجابت مؤسسة الملك خالد بصوت خافت، أن الدعوة وجهت، وتمت المتابعة، لكن دون استجابة! حضور وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل بوزيريهما، ومركز الحوار الوطني بأمينه العام، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، والقطاع الخاص، ثم غياب رعاية الشباب، أثار الدهشة والتساؤل! قد تكون ثمة ظروف لم تسمح لأي من مسؤوليها بالحضور، لكن تبنيها لهذه المبادرة لو تم سيؤكد حرصها على قضايا الشباب. وهذه المبادرة قد تحتاج إلى المرور على عدد من الجهات، لكن تبني الرئاسة لها ومتابعة الشباب عبر مؤسسة الملك خالد، ودعم أصحاب القرار سيحقق لها النجاح إن شاء الله: أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا