للمرة الثالثة تتم استضافتي في لقاء تليفزيوني للحديث عن «الحروب الإلكترونية»، وفي كل تلك اللقاءات دون استثناء كان هناك سؤال مشترك وهو: «هل نحن جاهزون لخوض مثل تلك الحروب؟». إجابتي كانت في كل مرة هي أني لا أعلم.. لا أعلم هل نحن جاهزون لخوضها؟، أو على أقل تقدير هل نحن جاهزون لحماية أنفسنا وبنانا التحتية منها؟ ما أعلمه يقينا هو أن أمن المعلومات أصبح جزءا رئيسا من منظومة الدفاع والأمن الوطني للدول، التي أنشأ بعضها وحدات وجيوش عالية التجهيز والتدريب مهامها ليس فقط الدفاع عن البنية التحتية المعلوماتية للبلد، ولكن أيضا شن هجمات إلكترونية مدمرة على البلد المعادي. الأمثلة على تلك الحروب كثيرة ولعل أبرزها تمكن روسيا عام 2007 من إجبار أستونيا على الاستسلام دون إطلاق رصاصة واحدة، عبر شن هجمات إلكترونية شلت بنيتها التحتية. ومؤخرا أمر الرئيس الأمريكي أوباما بتكثيف الهجمات الإلكترونية على إيران بفايروس «ستاكسنت» وغيره التي نجحت في ضرب وإبطاء أجهزة الطرد المركزي النووي الإيرانية. وجاء الرد الإيراني بإنشاء وحدة إلكترونية لا تقتصر مهامها على الدفاع عن المواقع الإيرانية فحسب، بل وشن هجمات مضادة أيضا. الحروب الإلكترونية إذا حقيقة واقعة، كما أن دولا عديدة معادية أو غير ودية طورت قدراتها عليها بشكل معلن يجعل من الإجابة على سؤال «هل نحن جاهزون؟» أمرا ملحا وأساسيا. من المعروف أن لدينا في المملكة وحدة للتعامل مع «طوارئ الحاسب»، كما أن أحد أعضاء مجلس الشورى صرح قبل شهر تقريبا عن وجود (توجه) لإنشاء هيئة عليا لأمن المعلومات. أخشى أننا نسير ببطء شديد وبمستوى أداء وفاعلية لا يتناسب مع حجم الخطر المحيط.. فهل سيتم تحصين جبهتنا الإلكترونية الافتراضية وإيلائها نفس اهتمام الجبهات البرية والبحرية والجوية، أم أننا سننتظر كالعادة حدوث كارثة لا سمح الله قبل التحرك؟.. الإجابة مجددا: لا أعلم.