بصراحة أصبح الحوار الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس مهزلة وتكراراً لتكرار واجتراراً لاجترار.. مهزلة ما بعدها مهزلة. فكلما خرج الطرفان من مهزلة يدخلون في مهزلة أخرى ليعودوا ويلتفوا حول أنفسهم من جديد. فالمشكلة ليست بالمتحاورين وقدراتهم ونواياهم بقدر ما هي في الأصل بنوايا القيادات وخصوصاً لدى حماس التي خسرت رهاناتها مع إيران وسوريا وتوافقت على إجراء الحوار وتستمر اليوم في المراوغة وعدم تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه بين محمود عباس وخالد مشعل لأن حركة الإخوان المسلمين بانتظار نتائج الانتخابات المصرية. فحماس بما هي فرع فلسطين للإخوان المسلمين تأمل بأن ينجح مرشح الإخوان في انتخابات الرئاسة المصرية لكي تصعّد من مطالبها وتتصلّب في مواقفها مع فتح في غزة. أما إذا خسر مرشح الإخوان فإن تشكيل الحكومة الفلسطينية وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية يصبح ممكناً. فكما اكتشف الجميع أن الخلاف ليس على مبدأ التفاوض مع إسرائيل ولا على قضايا سياسية واستراتيجية تهمّ الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بقدر ما هو على من سيتفاوض باسم الشعب الفلسطيني ومن سيمسك بالورقة الفلسطينية التي يرى فيها الإخوان المسلمون ورقة ذهبية تعطيهم مفاتيح المنطقة. ووسط كل هذه التجاذبات فإن الشعب الفلسطيني يدفع ثمن الحصار والبطالة والانقسام خصوصاً في قطاع غزة، وقد أصبحت اللعبة مكشوفة ومفضوحة فيما الهموم الحقيقية للشعب الفلسطيني في فلسطين ومخيمات الشتات وتجمّعات العذاب المر لا يلتفت إليها أي من المتصارعين والمراوغين والمعاندين.