موضوع الجيزاوي انتهى أو يكاد بكل ملابساته وتداعياته السياسية والجماهيرية والغوغائية على الرغم من أنه أهون من أن يستحق هذه الجلبة لكن الضوضاء الكبيرة التي صاحبته حجبت الضوء عن القضية الأخطر والأهم وهي موضوع تهريب وبيع الأدوية التي يمنع صرفها إلا بوصفة طبية، وبصرف النظر عن ثبوت ضلوع مالك الصيدليات الشهير بجدة ومحاسبة المصري في القضية أو عدم ثبوتها فإن هناك تجارة سرية وشبكات تهريب تقوم بإدخال هذا النوع من الأدوية إلى البلاد ولا يتمّ الكشف عنها أو يتساهل في دخولها على اعتبار أنها أدوية وليست مخدرات تكتشفها الكلاب البوليسية، ويتساهل موظفو الجمارك عادة في دخول كميات معقولة منها مع المسافرين ربما من جانب إنساني أو لعدم وجود رقابة مشدَّدة عليها، وكثير منا أوصاه أقرباؤه أو أصدقاؤه بإحضار بعض الأدوية معه من السفر إما لرخص ثمنها أو لندرة وجودها في الصيدليات لدينا، وقد تزامنت أخبار الجيزاوي مع أخبار نشرت في الصحف السعودية والمصرية عن ضبط أدوية بكميات كبيرة في مطاري القاهرةوجدة مع مسافرين متجهين من مصر إلى السعودية ولم يلق أحد لها بالاً، والخطورة تكمن في أن الأدوية التي يتمّ تهريبها تنتمي لمجموعة منوّمات ومهدئات لا تصرف إلا بوصفات طبية وضوابط مشدَّدة من قبل طبيب نفسي مختص وكثرة تعاطيها تسبب الإدمان والتوتر وفقدان السيطرة على السلوك وربما الإغماء والوفاة، لكن الأخطر من ذلك هو أنه مع وجود شبكة لتهريب هذه الأدوية هناك شبكة لبيعها بسهولة من تحت الطاولة وبدون وصفات طبية عبر شبكة من الصيدليات المنتشرة في كل حي وشارع وبعضها يباع بأسعار قريبة من أسعار الحبوب المخدرة، ومن المستحيل على جولات التفتيش الصحية القليلة أن تكتشفها لأنها تركز على الترخيص والأدوية المنتهية صلاحيتها ووصفات الأدوية التي تباع من الموردين المحليين، أما ما تحت الطاولة فلن تكتشفها أبدا، لذلك لابد من إجراءات سريعة وصارمة وعقوبات رادعة لهذه الشبكات المهربة والموزعة بدءاً من المصدر وانتهاء بما تحت طاولة الصيدلية.