هناااااك، في الضيّق الحالك، والأنفاس المُنهكة.. في سجن نجران، ينادي السجين المُعاق: (محمد القحص)، الذي شابت طفولته خلف قضبان السجن. محمد الذي نبت شاربه، وتعلّم كيف يحلق ذقنه بعيداً عن عين أمه. إن الأمهات يحببن دوماً مراقبة أطفالهن وهم يكبرون، وهذا ما يبقيهم أطفالاً في حضرة الأمهات.. محمد هو الطفل الذي ما كَبر عند أمه، شاخ وحيداً بين القضبان، واكتفت والدته بأن تربي الدمع والترقّب، وترى الغياب يلتحف ثياب طفلها منذ 17 عاماً. سُجن محمد القحص- من ذوي الاحتياجات الخاصة- في سجون نجران بسن الخامسة عشرة، ويُخشى عليه في هذا العام أن يرحل دون أن يدخل باب أمه وهو على عكازه. كان سجنه إثر قضية قتل أسأل الله في مبلغ عرشه أن يرحم المقتول وأن يسكن الطمأنينة في قلوب أهله ليصفحوا عن محمد ويتركوه يعود لبيته الحزين، وأن يحتسبوا الأجر لابنهم عند أرحم الراحمين وأصفح الصافحين. وإني أناشد كل إنسان في هذا الكون، أن يجعل قضية «أم محمد القحص» قضيته، وأن يتقمص دور قلبها في الليل، وأن يشارك في الصفح عن محمد من القصاص، وعلى رأسهم قيادات المملكة وعموم الشعب السعودي الطيب.. أن يشاركوا في عتق رقبة السجين المعاق محمد القحص، وأن يحققوا لوالدته وقلبها الرؤوم أمنية الأم المعزولة عن ريحانة روحها.. وأن تلتقي بابنها لعلها تراه طفلاً ما شاخ بعد، وتضع يديها على أقذاله فتستريح!