لم تكن هناك كثير من مقالات الرأي والتعليقات في أجهزة الإعلام الأمريكية بخصوص إلغاء المناهج التي كانت تدرس لكبار الضباط الأمريكيين في كلية نورفوك لأركان القوات المشتركة وكذلك في منشآت عسكرية أخرى. من بين قضايا أخرى، كان أحد المناهج التي يتم تدريسها في نورفوك ينص على أن تجاهل قوانين ساحة المعركة من قبل الإرهابيين المسلمين يعني أن معاهدات جنيف لم تعد تنطبق عليهم وأن «الحرب الشاملة» يمكن أن تتضمن «وسيلة هيروشيما» ويجب استخدامها ضد دول إسلامية إلى أن تتخلص هذه الدول من جميع الأفكار المتطرفة. أولئك الذين وضعوا المناهج يعتقدون أن المسلمين هم الأعداء الحقيقيون للغرب، مما يبرر قصف مدن كاملة بقنابل نووية -وخاصة المدن المقدسة مكة والمدينة- وتجويع باقي السكان السعوديين إلى أن يستسلموا. المنهج تم إلغاؤه عندما أصبح محط الاهتمام في البنتاجون من خلال تقرير لقناة الجزيرة، وليس بسبب أي عملية مراجعة داخلية. عدد من الضباط العسكريين كانوا قد اشتكوا سابقا حول محتوى المنهج ولكن بلا جدوى. المادة المعادية للمسلمين كان يدرسها الكولونيل ماثيو دولي، الذي يقال أنه لا يزال من ضمن الهيئة التدريسية في الكلية العسكرية. كلا المنهجين كانا من إنتاج شركة اسمها (ستراتيجيك إنجيجمنت جروب)، والتي تعد مواد التدريب للبنتاجون. ستيفن كوجلين، نائب رئيس الشركة، يصف نفسه بأنه «الخبير الرائد في الولاياتالمتحدة حول العقيدة الإسلامية،» لكن الخبراء الحقيقيين في الإسلام لا يعرفون أي شيء عنه.كوجلين يدعي أيضا أنه ضابط سابق في الجيش الأمريكي وأن لديه خبرة خاصة في الاستخبارات العسكرية. شركة (ستراتيجيك إنجيجمنت) تأسست عام 2010 بهدف «كشف وهزيمة جهود تخريب الدستور الأمريكي وإخضاع الشعب الأمريكي.» ليس من المعروف كيف تمول الشركة وتركيزها على المسلمين بشكل خاص كشف عن جانب بغيض لجهود الولاياتالمتحدة للتعامل مع مشكلة الإرهاب. في غضون ذلك، في مكتب التحقيقات الفيدرالية، عززت حلقة بحث مشابهة فكرة أنه كلما زاد تدين المسلم كلما زادت احتمالات لجوئه إلى العنف. النتيجة تعتمد على جدول بياني كان جزءا من مادة المنهج التي «تبين» أن الديانتين اليهودية والمسيحية أصبحتا أقل عنفا بعد تأسيسهما ورسوخهما بينما أن الإسلام أخذ طريقا خاطئا وبقي دينا عنيفا ، وهو توجه لا يمكن عكسه أو تعديله. الأساس التاريخي لهذا الحكم ليس واضحا تماما حيث أن بإمكان المرء أن يجد العديد من الأمثلة للسلوك العنيف من قبل مسيحيين ويهود، بشكل جماعي، منذ القرن السابع والجدول البياني لا يستند إلى أدلة حقيقية لأي شيء. كما يؤكد المنهاج على أن النبي محمد هو زعيم «جماعة دينية» وأن الأعمال الخيرية التي يشار إليها على أنها زكاة ليست إلا آلية لتمويل الإرهاب في شتى أنحاء العالم. كما يدعي المنهاج أن القرآن يبرر كل شكل من أشكال الحرب ضد الكفار، أي أن المسلمين ميالون للحرب الأبدية. وكان المنهج خطيرا بشكل خاص لأنه كان مخصصا للعملاء الجدد في مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين لا يمتلكون خبرة كبيرة، أفراد يعتقدون بشكل عام أن ما يتلقونه في حلقة البحث هو جزء من المنهاج التدريسي الرسمي. وما هو أكثر صعوبة للفهم كيفية دخول هذا المنهاج ليصبح جزءا من برنامج التدريب أساسا. من الشائع أن المحافظين الجدد على جميع المستويات داخل حكومة الولاياتالمتحدة وكذلك في أجهزة الإعلام يسعون إلى استخدام قوة الجيش الأمريكي للإطاحة بحكومات وتغيير العالم الإسلامي، وذلك لمصلحة إسرائيل. قد يكون ذلك صحيحا أو غير صحيح، أو يكون بين هذا وذاك، لكن ما هو مروع هو الجهل الكبير المنتشر داخل دوائر الحكومة وبين الشعب بخصوص الإسلام. كما سبق وأشرت، الانتقادات الموجهة للإسلام تنبثق غالبا من جماعات مقربة من إسرائيل بشكل خاص، بما في ذلك الصهاينة المسيحيين الكثيرين ويضطر المرء للشك أن التقارير الإعلامية وبرامج التدريب انبثقت من تلك المصادر. إن كثيرا من الأمريكيين الذين لديهم معلومات خاطئة يعتبرون أن الإسلام يشكل تهديدا، لكن من اللافت كيف أن المسلمين الأمريكيين لم يتطرفوا رغم أنهم والمسلمين في شتى أنحاء العالم يتم لومهم على كل شيء تقريبا، بما في ذلك ارتفاع أسعار المحروقات في الولاياتالمتحدة. من المحتم أن الناس الجاهلين سيحاولون توريط الغرباء والأجانب على أنهم أسباب مشكلاتهم، لكن سياسة مواجهة المسلمين في العالم، والذي يبلغ عددهم 1.4 مليار مسلم، يجب ألا تدعمها مناهج التدريب الحكومية بأي شكل من الأشكال، ويجب ألا يظهر ذلك في أي منتدى محترم. واختلاق رواية كاذبة عن الإسلام لا يكشف إلا دناءة العمل كله. لكن أن يتم الموافقة على هذه الرواية وحتى نشرها من قبل أشخاص كان يفترض أن يعرفوا أفضل من ذلك في البنتاجون ومكتب التحقيقات الفيدرالي أمر معيب. المواد التي أعدت واستخدمت في منهاج مكتب التحقيقات الفيدرالي يقال أنها حظيت بموافقة جنرالين متقاعدين والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جيمس ويسلي.