طالما تردَّدْت أن أكتب مقالاً عن شركة سابك، كي لايقال مديح وتملق كوني أحد أبنائها، وأني سأجرُّ النار إلى قرصي. حتى تدحرجت السنون تلو السنين، وحتى رأيت ما أخجلني بأم عينيّ ، واستوقف إنسانيتي، وأزاح مداد قلمي، فأستوقفت سيارتي ، وأخذتني خطاي نحو تلك الأيادي الكريمة، والتي تسير بخطى جماعية تحت أشعة الشمس الملتهبة، وأمام الرياح المتربة في عمق الصحراء .. ولمَ كُل هذا ؟ إنه من أجل تنظيف طريق الجبيلالدمام السريع شرق المملكة العربية السعودية . كانت الحملة بعنوان « نظافة مدينتي عنوان حضارتي « ، والمدهش في الأمر أن ألف موظف تطوَّع وشارك على دفعات في عملية التنظيف كعملية المسح على امتداد الطريق، فنصبت الخيام التوعوية، وعقدت الاجتماعات التثقيفية، ووزعت النشرات، ووكلت المهمات، وبدأت الحملة مسارها صباحاً ومساءً .. والمدهش أكثر أن المشاركين هم خليط من كبار وصغار الموظفين عمراً ومنصباً، حتى رئيس شركة حديد المتبنية للفكرة دخل في معمعة التنظيف بعمق الصحراء .. وإذا بأسطول من السيارات والمساعدات والتجهيزات، وبتكاتف من الدوائر الحكومية، فبدأت القافلة تسير نحو نظافة البيئة، تلك بحق جهود تشكرعليها سابك وإدارييها وموظفيها .لكن ليس هنا بيت القصيد، وأتمنَّى أن لاتمرّ الحملة مرور الكرام، ويأتي شتاء بعده شتاء، وتفتح النوافذ وترمى القوارير والأكياس بالطريق، وينزف الجرح من جديد ! بل أن يتعاون المواطنون في نظافة البيئة، وأن تنشر ثقافة النظافة على الطريق بين أفراد العائلة. وأن تكون تلك المبادرة الجميلة بصمة تسير على خطاها باقي الشركات الحكومية والأهلية باقتداء جميل، لنستفيد من تلك العطايا التي تعود على البيئة والمجتمع بالنفع المديد. الحق يقال، إن لكثير من الشركات الكبرى بصمات كثيرة لاتعد ولاتحصى، كسابك وأخواتها أرامكوا وسكيكو وغيرهم، لكن نتمنّى أن تتعدَّد وتتنوَّع تلك البصمات في دعم البُنى التحتية والترفيهية للمجتمع. وأن تعمَّ باقي المدن، كأن نرى حديقة جميلة في مدينة الدمام أو جدة أو الرياض أو الأحساء أو نجران تبنّت إعمارها سابك، أو نرى مجمعاً اجتماعياً وترفيهياً في الطائف أو القطيف أو طريف تبنَّته الشركة الأهلية الفلانية، أو مبنى رياضياً ترويحياً في مدينة كذا أو واجهة بحرية بُنىيت بتكاتف مجموعة من الشركات الأهلية، أو لوحات إرشادية صحية أو تربوية أو اجتماعية بدعم الشركات الكبرى والأهلية . الشركات والمؤسسات الكبرى أعمدة لاقتصاد الدولة، وركيزة وأمان لمقومات تقدِّمها ونماء شعوبها، وياحبذا لو اكتملت الفرحة وعمَّ الخير باقي أرجاء الوطن، ولاضير في هذا، إذ هو ديدن الكثير من الشركات العالمية بالدول الأخرى، فنرى واجهة بحرية بمد البصر في دولة ما من بصمات شركة كذا، أو مستشفى لغسيل الكلى بمدينة أخرى من بناء شركة حكومية كبرى . لايستوقفني فقط عطاء شركاتنا الكريمة، فهم ذخر الوطن وحصن لأبنائه، وخيرهم من البلد ويعود لأهل البلد، وإنما رؤيتي لأبناء منسوبي سابك وهم ينظفون ويكنسون الطريق الطويل، بتفاؤل وابتسامة لاتفارق محياهم، أثار حفيظتي، وأحيا قريحتي، وجعلني أتمنّى أن تعمّ تلك المكارم كافة المدن، ولكافة الشعب والمقيمين .. وخلاصة القول، كل إناء بالذي فيه ينضح، وإناؤكم فيض خير إن شاء الله لاينضب، وعطاؤكم باق بعون الله.