لم يكن محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية المصرية التي قد يخوض جولتها الثانية أمام أحمد شفيق، آخر رئيس وزراءٍ في عهد مبارك، الخيار الأول للجماعة بل مرشحا احتياطيا تم الدفع به بعد استبعاد نائب المرشد العام خيرت الشاطر لأسباب قانونية. ورغم أن مرسي لم يكن وجها جماهيريا معروفا إلا أن جماعة الإخوان ألقت بكل ثقلها وبآلتها التنظيمية والانتخابية القوية خلف هذا الرجل الذي تم اختياره العام الماضي رئيسا للذراع السياسية للجماعة، حزب الحرية والعدالة. ولا يتمتع محمد مرسي البالغ من العمر ستين عاما بحضور كبير، وفي ملصقاته الدعائية ترتسم على وجهه ابتسامة خجولة، كما بدا في موقف دفاعي في مقابلاته التلفزيونية الأولى بعد ترشحه مباشرة، لكنه بدأ يكتسب ثقة في نفسه مع تصاعد حملته. ونظمت الجماعة مؤتمرات حشدت لها كعادتها أكبر عدد من أعضائها للتأكيد على أنها ما تزال القوة السياسية الكبرى في البلاد رغم التراجع الملحوظ في شعبيتها خلال الأشهر الأخيرة بسبب تقلب مواقفها السياسية. وقبل انتهاء الحملة الانتخابية بثلاثة أيام، نظم الإخوان المسلمون «سلسلة بشرية» لدعم مرشحهم من الإسكندرية في أقصى شمال مصر إلى أسوان في أقصى الجنوب. ويقر القيادي الإخواني الكبير عصام العريان أن الأمر لم يكن سهلا، ويقول العريان وهو نائب رئيس حزب الحرية والعدالة «واجهنا الدعاية السلبية لوسائل الإعلام ضدنا بالتحدث مباشرة إلى الناس». وتم الدفع بمرسي كمرشح بعد أن استبعدت لجنة الانتخابات الرئاسية المرشح الأصلي خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة بسبب حكم كان صدر ضده في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وأدى إلى حرمانه من حقوقه السياسية. وخلال بضعة أيام طبعت الجماعة على وجه السرعة لافتات لمرشحها الاحتياطي وكثفت الدعاية له لتضفي عليه سمة رئاسية. ويمكن لمحمد مرسي أن يقدم نفسه للناخب المصري باعتباره رئيسا لأكبر حزب في البرلمان أي الحرية والعدالة الذي فاز بأكثر من 40 % من مقاعد مجلس الشعب. لكن خصومه يستخدمون هذا ضده ويحذرون من هيمنة الإخوان المسلمين بالكامل على السلطتين التشريعية والتنفيذية. غير أن العريان يرد موضحا «المعارضون قالوا إننا سنتحمل مسؤولية كبيرة لكن الأمر كان يتعلق بإنقاذ مستقبل البلد، إذا لم نتحمل نحن المسؤولية فلمن سنتركها؟». ويؤكد مرسي أنه المرشح الوحيد الذي يطرح «برنامجا إسلاميا» يسميه «مشروع النهضة»، ويأمل مرشح الإخوان في علاقات «أكثر توازنا» مع واشنطن.وواجه مرسي مرشحا إسلاميا آخر هو القيادي المنشق عن جماعة الإخوان عبدالمنعم أبو الفتوح الذي يحظى بتأييد قطاع كبير من السلفيين. ولد محمد مرسي في محافظة الشرقية في دلتا النيل وحصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم حصل في 1982 على درجة الدكتوراة من جامعة جنوب كارولاينا في الولاياتالمتحدة. وفي العام 2000، أصبح محمد مرسي نائبا في مجلس الشعب، قبل أن يصبح في 2010 متحدثا باسم الجماعة وعضوا في مكتب الإرشاد (المكتب السياسي للجماعة). واعتُقِلَ مرسي لمدة سبعة أشهر في 2005 بسبب مشاركته في تظاهرة لتأييد حركة القضاة التي طالبت آنذاك باستقلال القضاء وأعيد اعتقاله في 28 يناير 2011 بعد ثلاثة أيام من اندلاع الانتفاضة التي أسقطت مبارك.