يقرأها: عبدالمحسن يوسف يرسمها: معتصم هارون نعم، يغرد في اللوحة وفي سمائها يطير.. بضرباتِ ريشةٍ رشيقةٍ يقيم عالماً أجمل من عالمنا.. عالماً مؤثثاً باللون، بالظل، والضوء، والأمل.. اللوحة على يديه تستحيل نافذةً لرؤيةِ ما لا يُرى.. تستحيلُ مظلّةً تصونُ من قيظٍ.. وأشرعةً ترفع الأفق. ما لا تدركه الأصابع تدركه المخيلة.. وما يفلت من كلماتنا يستدرجه الإطار.. وما تعجز عنه المعاجم تصطاده بلاغة اللوحة وما يتضاءل بالكلمات يتكاثر بالرسم.. في مرسمه، بلمسةٍ منه تستحيلُ القطرةُ نهراً.. والنسمةُ عاصفةً والغصنُ شجرةً والموجة بحراً.. وإذْ نحدّقُ في قاربٍ يمكث في لوحته يبحر بنا القارب عبر الجدران.. وإذ نحدق في طائرٍ في سماء ألوانه، نشعر بأنه منحنا أجنحةً وأننا نطير.. وأننا ندرك حرية أن نكون.. فإلى أيِّ عالمٍ تقودنا قريحةُ عبد الرحمن السليمان؟ وكيف بوسع هذا التشكيليّ العذب أن جعل من لوحته نزلاً ومنزلاً؟ سجادةً وصلاةً؟ هجرةً وإقامةً؟ دمعةً وزغرودةً؟ مأتماً وعرساً؟ في زمن الخراب.. يقول للوحة كوني موئلاً للجمال، فتكون.. في زمن النفي.. يهمس للوحة: ابتكري لنا وطناً وإذا به يتبرج على مشارف الألم.. وفي الخريف.. يهتف بلوحته: اقطفي لنا وردةً، فتتكاثر في مساماتنا الزنابق.. وفي العتمةِ يقول لها: كوني نجمةً فتمسي قمصاننا مثقلةً بملايين النجوم.. وفي الريح.. يقول لها كوني شمعةً وإذ بها تشعل شمعة القلب..