يسعى البعض لتعزيز نظرتهم للمرأة على أنها «فتنة خالصة» بالاستدلال بآيات قرآنية وأحاديث شريفة دون معرفة بالسياق والمقاصد وأسباب النزول، كاستشهادهم بالحديث الشريف «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» فهم يذكرونه تبريراً لإحكام «القبضة» والهيمنة على المرأة؛ تجاهلاً لأحاديث وآيات تدل على ذات السياق من كون «الأولاد والأموال» فتنة، فلماذا انحازوا لإلصاق «الفتنة» بالمرأة خصوصاً؟. يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم، إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم). يقول «مجاهد» في تفسيرها: (يحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه، فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه). من هنا نستخلص الحكمة البالغة تنبيهاً لئلا يكون ما يحبه الإنسان سبباً لمعصية الله، لا كما يعتقده بعض «الدعويين» حين يفسرون «العداوة» و»الفتنة» حسب فهمهم الذي ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً، فهل فهموا الدلالة بعد معرفة السياق قبل الاستشهاد؟! سبب النزول كفيل بالإجابة حين سئل ابن عباس عن الآية فقال: (فهؤلاء رجال أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم، فلما أتوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رأوا الناس قد فقهوا في الدين، فهموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله هذه الآية: (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) فانظر لسياق الآيات وسبب نزولها وبين نظرة «قوم» يأخذون النص بظاهره استدلالاً دون معرفة. ثم انظر إلى رحمة المشرع حاضاً على «الصفح» و»المغفرة» بخطاب إلهي بديع فيما بعض «متشددي الوعظ» ينادون بالويل والثبور على من أمرهم الرسول عليه السلام بالإحسان إليهن (استوصوا بالنساء خيراً)!