تعيش حركة مجتمع السلم أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر في مخاضٍ عسير منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، حيث تقهقر عدد مقاعدها إلى 47 مقعدا بعدما كانت تتمتع بنحو 50 مقعدا في البرلمان المنتهية عهدته. وأكدت مصادر «الشرق» أن النقاش الذي فُتِحَ بين أعضاء المجلس الشوري الوطني أمس بغرض تقييم نتائج الحركة والتحالف الإسلامي «الجزائر الخضراء» عرف تجاذبا كبيرا بين تيارين بارزين، التيار الأول يدعو إلى الطلاق النهائي مع السلطة، بعد أن قرر نفس المجلس مطلع العام الجاري فك ارتباطه بحزبي التحالف الرئاسي جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي دون استقالة وزراء الحركة من الحكومة، مما يعني هذه المرة في حال تبنى مجلس الشورى هذا الموقف عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، ما يعني من وجهة نظر التيار الذي يدعو إلى الإبقاء على خيار المشاركة تصفية إطارات الحركة الموجودة في مختلف الوزارات الأربع التي تشارك فيها حالياً.ويقود التيار الأول نائب رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، والمعروف بخطابه الراديكالي، ويشعر هذا التيار أن السلطة تخلت عن الحركة التي طالما استخدمتها كواجهة إسلامية في المشهد السياسي، ويدعم هذا التيار، الذي يبدو الأعلى صوتاً حالياً، قواعد داخل الحركة. في حين يأتي التيار الثاني الذي يتمسك بخيار المشاركة في الحكومة ويمثله عمار غول الوزير الحالي في الأشغال العمومية الذي طالما اعتبر نفسه حسنة من حسنات بوتفليقة وصدقة لروح الراحل محفوظ نحناح، ويرفض غول الانسياق وراء الدعوة بانتقال الحركة إلى موقع المعارضة بحكم أن فترة مشاركة حركة مجتمع السلم التي تعتبر الواجهة السياسية للإخوان المسلمين في الجزائر مكنتها من اكتساب خبرة في إدارة دواليب الحكم، وأن الانفصال مع الحكم من شأنه أن يدمر كل ما تم بناؤه خلال عقود من المشاركة في الحكومة. وفي سياقٍ آخر، تمسك التيار المناوئ داخل جبهة التحرير الوطني للأمين العام عبد العزيز بلخادم بإقالته من الحزب الفائز بأعلى مقاعد في البرلمان، وذلك خلال الاجتماع الاستثنائي للجنة المركزية الذي التأم أمس حيث تمت تلاوة لائحة إدانة بلخادم وتضمنت جميع «خروقات الأمين العام للحزب إدارية وقانوينة ومالية»، حسب رؤية معارضيه. وسجل الاجتماع الاستثنائي حضورا نوعيا لمختلف أجنحة الحزب التي أجمعت على سحب ثقتها من الأمين العام بلخادم بالرغم من النتيجة الإيجابية التي حققتها الجبهة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث فازت ب 221 مقعدا من أصل 462، وجددت قواعد الجبهة التزامها بسحب الثقة من جديد من بلخادم خلال الدورة العادية للجنة المركزية المقررة يومي 14 و15 يونيو المقبل، وفي أول رد فعلٍ على هذا الاجتماع قال المتحدث الرسمي باسم جبهة التحرير الوطني، قاسة عيسى، في تصريح مقتضب ل «الشرق» إن «الاجتماع يعتبر لاغيا كأن لم يحدث».