مروان شربل يتصدّر الأمن سُلّم الأولويات، في خضم الأحداث العاصفة بلبنان، لكن أجهزته تنوء بثقل الحِمل، فتبدو شبه عاجزة عن مجابهة التحديات. الشمال يُنذر بالانفجار. حدود لبنان مع سورية مفتوحة على المجهول. أما أراضيه فباتت ممرّاً لمجاهدي القاعدة المهاجرين الراغبين بالقتال في سوريا. وفوق كل ذلك، لا قرار سياسيا موحّدا بالمواجهة أو أقلّه النأي بوطن بلاد الأرز. في وزارة الداخلية اللبنانية الوصية على مختلف الأجهزة الأمنية، أجرت «الشرق» حواراً مع وزير الداخلية اللبناني مروان شربل للوقوف على أبرز التطورات. * بالأمس كنت في زيارة إلى الشمال للوقوف على التطورات فيه، كيف وجدته؟ - شعب الشمال طيّب، لكني وجدت احتقاناً مذهبياً مخيفاً. خضت مفاوضات لساعات مع المجموعات السلفية لإقناعها بفتح الطريق في مكان اعتصامها. ووعدوني بأنهم لن يعيدوا قطعها. كما أعرب المسؤولون هناك عن استعدادهم لاستقبال دخول القوى الأمنية والجيش وانتشارها في الشوارع والأحياء. * هل تعتقد أن الأحداث الأمنية في طرابلس ستقتصر على ما حدث أم أن هناك قراراً اتُّخذ بإشعالها؟ -أرجو أن ينتهي الأمر عند هذا الحد، لأنها إذا عادت واشتعلت في الشمال، فإن ذلك يعني أن لبنان بأكمله في خطر. فالمسألة تخطّت الشقّ الأمني، لأن الأجهزة الأمنية يمكنها أن تضبط الوضع إذا كان هناك قرار من القيادات السياسية بذلك. الحل الجذري يجب أن يكون سياسيا، لأن الحل الأمني مكلف ولا يعالج أصل المشكلة. الرهان الآن على تعقّل القيادات السياسية لتجاوز هذا الانقطاع بينها، لأن استمرار الوضع في الشمال على حاله من التوتر والاحتقان سيجعل من طرابلس المنطلق لأكبر فتنة ستحصل في تاريخ لبنان. * ما رأيك بحادثة توقيف شادي المولوي وهل سترضخون عند ضغط الشارع لإطلاقه؟ -موضوع شادي المولوي يبت فيه القضاء من دون ضغوط والقضاء لن يظلم أحدا. وإذا أثبتت التحقيقات أنه متورّط في أحداث أمنية أو إرهابية، فإن أحداً لا يستطيع الدفاع عنه. أما إذا كانت التهمة بسيطة فيمكن إخلاء سبيله بسند إقامة أو كفالة مالية خلال مهلة يحددها القاضي، وإذا كان بريئا سيُترك على الفور. كما أن قاضي التحقيق سيعيد التحقيق مع الموقوف شادي المولوي بوجود المحامين، باعتبار أن التحقيق الأولي تم من دون وجودهم. * هل ترى أن ما يحدث في طرابلس يجري على إيقاع الأحداث في سوريا؟ -لا أحد يمكنه أن ينكر أن ما يجري في سوريا ينعكس سلباً على لبنان. هناك 30 إلى 40 ألفاً من السوريين دخلوا إلى لبنان بصفة نازحين أو لاجئين. كيف برأيك لن يتأثر لبنان. وعلى صعيد آخر وفي الجانب الأمني ارتفعت عمليات السرقة والنشل والخطف بهدف الابتزاز المالي. والجرائم الجنائية زادت بنسبة 50 في المئة. والحقيقة أنه لا استقرار أمنيا في لبنان دون استقرار في سوريا. نتمنى أن تنتهي الأزمة في سوريا في أسرع وقت لوقف تداعياتها وذلك من أجل مصلحة لبنان وسوريا. * يحكى عن محاولات لفصل الشمال وإخراج الجيش منه تمهيداً لجعله منطقة عازلة؟ ماذا ترى؟ - لا يمكن لأحد أن يفصل أي منطقة لبنانية عن الوطن. والقرار في هذه المسألة يعود للدولة اللبنانية وحدها. * هل تتخوّف من فتنة؟ - في ما مضى كنت أتخوّف على لبنان من فتنة بين المسيحيين والمسلمين، لكن اليوم الخوف الأكبر من استيقاظ الفتنة بين السنة والشيعة. فإذا أوقظت الفتنة السنية الشيعية فإنها ستقضي على كل أخضر ويابس في هذا الوطن. في الحقيقة، أخاف على لبنان من شبح فتنة يُخيّم في الأفق. * لقد نفيت وجود القاعدة في لبنان أكثر من مرة، لكن التحقيقات الأمنية تُظهر أن هناك تسللا لمتشددين إسلاميين وجهاديين بين لبنان وسوريا. هل يمكنك أن توضح؟ - أنا أُجدد تأكيدي أن تنظيم القاعدة ليس موجوداً في لبنان، لكن وسائل الإعلام اجتزأت ما قلته. كنت أقصد أن لا وجود لهيكلية كاملة لتنظيم القاعدة كما هو الحال في اليمن، لكن المؤكد أن هناك أفرادا يؤيدونها ويتبنون فكرها التكفيري، والخطورة تكمن في أن يصبحوا منظمين. وهناك أيضاً، مطلوبون وملاحقون من قبل الأجهزة الأمنية معروفون بالأسماء. * ما هي حقيقة خروج أخطر المطلوبين من مخيم عين الحلوة للجهاد في سوريا؟ -التحقيقات جارية ولم تنته بعد، لكن المعلومات الأولية تشير إلى أن سبعة من أخطر المطلوبين الإسلاميين غادروا مخيم عين الحلوة. وليس لدينا معلومات مؤكدة لنُحدد وجهتهم بعد. * كلمة أخيرة؟ -أدعو جميع الأطراف ليس في مدينة طرابلس وحسب، بل في كل لبنان، من 8 و14 آذار، إلى التوقيع على وثيقة شرف لحماية لبنان ومنع زجه في الصراعات الجانبية. والله يُستر اللبنانيين إذا استمرت سطوة الفاجر في ظل غياب الصوت المعتدل.