في طريقي اليومي إلى حي الجسر أمر على شارع رئيسي أسميته شارع الشبيلي لعدة أسباب منها عدم وجود اسم ظاهر للشارع ولأن العلامة الفارقة على الطريق هي مبنى مركز الشبيلي الاستثماري نصف المكتمل حيث يحتل مساحة تتجاوز العشرين ألف متر مربع ويقبع في مكانه لفترة تجاوزت عشر سنوات في وضع ثابت يكاد لا يتأثر بالمتغيرات من حوله عدا استهلاك عمره الافتراضي. تراه عن بعد يشد الانتباه نظرا لخلوه من أي حركة إنسانية فليس من أثر لعامل أو مقاول أو حتى آلة، الأمر الذي يثير معه قريحة المارة فيحث خيالهم على نسج القصص والحكايا المثيرة حوله في ظل غياب جهة توضح أسباب توقف المشروع والفائدة المرجوة من تعطيل منطقة حيوية كهذه والآمال الضائعة التي يحملها المستثمرون والسكان المجاورون... الكل يحاول أن يفهم قصة هذا المشروع الغامض. المهم أن شارع الشبيلي هذا هو أيضا لم يخل من الحفر والدفن مثله مثل غيره من الشوارع في منطقتنا الحبيبة. يقوم عليه مشروع لمد شيء ما قد يكون أنابيب أو توصيلات أو ماشابه ذلك لربط الأحياء بشبكة المياه والكهرباء. ما يهمنا من الأمر هو أن مقاول هذا المشروع وطبقا لشروط الحكومة قد وضع لوحة رقمية لرصد حركة الفترة الزمنية للمشروع تحمل رقما يدل على عدد الأيام المتبقية على الانتهاء منه وهو أمر تشكر عليه البلدية، لأنه يعكس قدرا من الشفافية والمساءلة واحتراما للمواطن كونه شريكا لها. ولكن المضحك في الأمر أن هذا الرقم بالذات لا يتغير كثيرا في بعض المشروعات. بل على العكس فهو في معظم الأحيان يختفي لأن اللوحة تطفئ أنوارها وما أن يعود حتى نلاحظ أن الرقم لم يتغير. الظاهر أن للبلدية مآرب كثيرة لتحسين قدرة المواطن على الحفظ والتركيز عبر ترك معظم الشوارع مبهمة الهوية وكثيرة التغيير فتحث المواطنين على استخدام وتوظيف خلايا الذاكرة للتعرف على الطرق عبر علامات فارقة تتغير مع الوقت.