اختناق الشوارع الرئيسية أصبح ظاهرة في كثير من العواصم والمدن العربية والعالمية، وقامت الدول بحلّ هذا الاختناق أو التقليل منه بحلول بعضها مؤقت وبعضها الآخر جذري من إنشاء شبكة طرق جديدة ومنظومة مواصلات للنقل العام والمترو والقطارات وغيرها، وفي السعودية تسير ثمانية ملايين سيارة ومرشَّحة لزيادة سنوية قدرها 700 ألف سيارة على شبكة أهملت طويلاً ولكنها الآن في ورشة عمل في كل المدن بمشروعات الكباري والأنفاق والتوسعة والطرق الجديدة وشبكات قطارات محلية قادمة ستزيد الشوارع اختناقاً في الفترة القادمة، والصور التي نشرتها «المدينة» أمس عن جدة التي تختنق تكشف المعاناة اليومية لسكانها والقادمين والعابرين «بسبب التلبُّك المروري نتيجة التأخُّر المستمر في إنجاز المشروعات وعدم تأهيل تحويلات مناسبة للمواقع المجاورة للمشروعات لتجاوز الأزمة بسبب غياب التخطيط الجيد والبديل المناسب قبل الانطلاق في التنفيذ»، وحتى لو رزقنا حسن التدبير والالتزام الدقيق بالمواعيد والتنفيذ الجيد للمشروعات فإن الوضع سيكون على قول المثل «المكان ضيق والحمار رفاس» لسنوات قادمة أرجو أن تكون قليلة، ولكن وحتى انفراج الأزمة تفتقر الجهات المختصة إلى أي مبادرات تشعر الناس بأنهم يقدِّرون معاناتهم اليومية ويسعون إلى تخفيفها بحلول مؤقَّتة لحين الانتهاء من المشروعات وكل ما تفعله هو لوحات باردة عن التحويلات وخرائط تنشر في بعض الصحف لا يراها معظم الناس، وكان من الأجدى أن تكون هناك غرفة طوارئ يومية مشكَّلة من المرور والأمانة والشرطة تصب فيها إحداثيات الشوارع ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة ثم توصل إلى الناس عن طريق وسائل متاحة مثل الإف إم ورسائل الجوال ووسائل مجانية مثل التويتر وبرامج الواتس أب ولاين وغيرها بدل أن تقوم الشركات بابتزاز الناس بمسابقات لا قيمة لها، فما الذي يمنع أن يكون هناك إعلان كما في بعض المدن في الخارج عن حادث في طريق كذا يستدعي تأخُّر ساعتين وينبِّه السائقين إلى قضاء حوائجهم أو شرب القهوة لحين انتهاء المشكلة أو سلوك طرق يحدِّدها الإعلان، وكما نردِّد دائماً نحن لا نشكو من ضعف الإمكانات أو نقص التكنولوجيا ولكنا نفتقر إلى الإحساس بالمسؤولية وحسن التدبير.