فشلت معظم الأندية الأدبية خلال الأسابيع الماضية من عقد جمعيتها العمومية الأولى، والمتابع للتحول (الديمقراطي) الذي صاحب انتخابات الأندية الأدبية، يلاحظ أن هناك ذكاء انتخابيا مصاحبا لها. فقد تمكن فريق غير مشتغل بالأدب الصعود إلى تلك الانتخابات بناء على مصالحة منقسمة بين الفردي والجماعي، في تلك الانتخابات. وهذا ما تجني ثماره اليوم وزارة الثقافة والإعلام حينما يحضر ممثلها للجمعية العمومية عزوف هؤلاء الأعضاء عن الحضور، علماً بأن الأندية دعت لجمعياتها العمومية في وقت مبكر. لكن الحضور لم يكن مكتمل النصاب بالشكل القانوني. خمسة إلى ستة أندية حاولت جاهدة عقد جمعيتها، الأولى لإقرار نشاطها المزمع إقامته لكنها فشلت في تجميع ثلث الأعضاء، وكان الحضور لتلك العموميات مثار جدل في الساحة الثقافية، متقارب مع جدل الانتخابات. ماذا يحدث في أروقة هذه الأندية اليوم؟ وقد لاحظنا أن بعض الأندية وجدت لها مخرجا بدفع ثمن العضوية من قبل رجل أعمال، وآخر مازال يراوح الانتخابات الملغاة من قبل وزير الثقافة بناء على مخالفاته الصريحة التي جعلت الوزارة تلغي جمعيته العمومية. وفي حالة المقارنة بين التعيين والانتخاب أجد أن التعيين كان أفضل حينما عمدت الوزارة على اختيار نخب ثقافية «عاملة» في الساحة الثقافية، وسلمتها إدارات الأندية، التي قدمت حراكا ثقافياً مميزاً خلال فترة وجودها وقد أشير إلى أندية كانت تعيش حالة ركود (حائل، الرياض، الشرقية، الجوف...) تلك الأندية حركت السكان في الساحة الثقافية وكانت تقيم فعاليات نوعية ونخبوية تقربها من المجتمع المدني. إلى أن صدمتنا نتائج الانتخابات التي لعبتها تيارات كانت بعيدة عن الوضع الثقافي، لنجد هذه التيارات لا تستطيع إعادة تشكيل نفسها مرة أخرى في جمعية عمومية واحدة، فكيف بوزارة الثقافة ستعتمد عليها في إدارة نشاط ثقافي لثلاث سنوات مقبلة، وهي بالكاد لم تستطع عقد جمعية عمومية واحدة. لقد ضاعت الطعون التي قدمها أعضاء الأندية في بيروقراطية الوزارة التي كانت تكرر (دعها تمر)، وها هي تتعثر مع بداية الطريق، فماذا ستفعل الوزارة في السنوات المقبلة وهي ترى مثلما يرى الجميع بأن هذه الإدارات قامت بتحويل المنبر الثقافي لصالحها الشخصي، وإقامة فعاليات منبرية تقدم لهم خدمات أخرى في تلك الجهات (جامعات، عقار، انهيار سوق الأسهم)، بدلاً من مناقشة انهيار سوق الثقافة المحلية في وجه المعطيات الحضارية الجديدة.