كيف تستطيع قصقصة الأوامر الملكية في ثلاث خطوات؟ أولاً: اعقد لجنة لتأخير التنفيذ، ثانياً: في كل أمر ملكي هناك ثغرة، فتش عنها، ثالثاً: إذا انكشفت اللعبة، ألق اللوم على وزارة المالية! لم يعد هذا الأمر جديداً فقد عايشناه مع أوامر ملكية كثيرة لم تنفذ، ولم يعد من المنطقي الاستمرار بلعبة الوزارات التي تحاول تخليص نفسها من أية أعباء مالية جديدة، وآخر ما تفكر فيه هو المواطن البسيط الذي يبحث عن حياة ليعيشها ولو أخذنا الأمر الملكي الخاص بإعانة العاطلين والذي صدر في ربيع الأول 1432ه لوجدنا أنه صدر لإقرار إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل عاجلاً بدون أي تخصيص، مع تواريخ ثابتة ومحددة، كالتالي: “اعتماد صرف مخصص مالي قدره ألفي ريال للباحثين عن العمل في القطاعين العام والخاص اعتباراً من 1/1/1433ه.”. هذا التاريخ المميز تم التلاعب به لمحاولة تأخير الصرف مراراً، وها هو محرم قد بدأ والصرف لم يبدأ! ومن المثير للسخرية أن (الحافزيون) كانوا يتجاوزون 3 مليون عاطل حين بدأ تسجيل المستحقين للإعانة، وهو ما كان أشبه بالصدمة للمسؤولين الذين أُجزم أنهم عقدوا العديد من الاجتماعات لمحاولة تقليص العدد بأي شكل ممكن، حتى لو كان ذلك على حساب تجاوز الأمر الملكي، وفعلاً تم طرح العديد من الشروط التعجيزية لتقليص عدد المستفيدين وإبعاد أكثر الشرائح المسجلة في البرنامج، والهدف من تلك الشروط كما هو واضح للجميع ليس تحديد الباحثين عن العمل بدقة، وإنما هدفها التقليص فقط! فلو استعرضنا بعض الشروط المضحكة التي فرضت على العاطلين عن العمل لوجدنا مثلاً أنهم حددوا -دون مبرر- العمر ليصبح بين 20 و 35 سنة، وذلك يعني إبعاد أكثر من 30٪ من المتقدمين بدون أي سبب مقنع، لأن العمر ليس له علاقة بكون العاطل جاد في البحث عن العمل أم لا! أيضاً من الشروط العجيبة أن يقل دخل العاطل عن ألفي ريال (وفي الحقيقة لا أعلم كيف سيثبت المتقدم أنه بسيط الدخل، هل سيأتي بثوب مرقّع مثلاً؟). شرط عجيب آخر، هو أن يكون مقيماً في السعودية لآخر عشرة أشهر، وهو شرط عجز فطاحلة المحللين عن تفسير سبب وجوده! ثم بعد هذه الشروط وشروط أخرى كثيرة، أضافوا ملاحظة لطيفة وهي أن هذه المكافأة ستستمر لمدة سنة فقط (حتى لو لم يجدوا لك عملاً مناسباً، مثلاً: مغسل موتى!) ولو كنت من معدّي الشروط لاقترحت ما يلي: ألا يكون لدى العاطل أكثر من 5 أبناء لأن ذلك يعني أنه يمتلك منزل ألا يملك العاطل سيارة أفضل من الأكسنت أو سيارة موديلها أحدث من 2006، أيهما أرخص. ألا يكون العاطل قد سبق له شراء قهوة من ستاربكس، ويتم التغاضي عمن يشتري قهوته من دانكن أن يكون من مشجعي النصر (لأن العاطل يجب أن يكون حزيناً ألا يكون قد تم ضبطه بكاميرا ساهر (لا يوجد هدف من هذا الشرط) والمضحك في الأمر أكثر، أن آحد أعضاء مجلس الشورى الأكارم وبعد كل تلك الشروط (المنيلة بستين نيلة) اقترح أن يسدد المتقدم 50% من المبلغ المصروف له على أقساط شهرية عند حصوله على وظيفة. وأنا أقترح أن يتم فتح حساب خيري للتبرع لحافز، ومن لا يتبرع يحوّل لنظام ساهر ليتفاهم معه! من ينظر لكل ذلك التعقيد والتعجيز يتوقع أن حافز سيجد له وظيفة مرموقة في وكالة ناسا، أو في شركة قوقل على الأقل، لكن أن تظهر للبعض وظائف مناسبة للعصر البرونزي فهذا شيء يدعو للاستغراب، ما يدعو للاستغراب أكثر هو تصريح رسمي جاء معلقاً على ترشيح سيدة لوظيفة مغسلة موتى أن ذلك بهتان عظيم، وأن طالبي الوظائف يضعون احتياجاتهم على الموقع والشروط المطلوبة لها ومعها يمكن أن تظهر مثل هذه الوظيفة في الخيارات المتاحة، وأنا في الحقيقة أتسائل: ماهي المواصفات التي تجعل شخصاً ما مؤهلاً ليكون مغسل موتى! وعلى ذكر الموتى يقول نفس المسؤول أنهم اكتشفوا ثلاثة آلاف متوفي بين المتقدمين لحافز، وأقول لعلهم ماتوا وهم ينتظرون انطلاقة هذا البرنامج! حسناً، وماذا عن بعض من ظهرت لهم وظائف عجيبة أخرى مثل “حالبة أبقار” و “مربية دجاج”، هل كان ضمن سيرهم الذاتية نقطة تخص حسن التعامل مع الحيوانات؟ ختاماً، كان مما استوقفني من الشروط -الزاحفة- لحافز هو شرط ألا يكون على كفالة المتقدم أي عامل أو سائق أو خادمة وهو شرط لا أدري ما علاقته ببحث الشخص عن عمل! وهذا الطلب الغريب بالذات -إلى جانب شرط العمر- دليل واضح على أن الهدف من الشروط هو تقليص المستفيدين، بل ذكرني هذا الشرط بنكتة القرد والنمر، حيث يروى أن النمر كان كلما رأى القرد قال له: “ليش مو لابس طاقية؟” وضربه كف، فاشتكى القرد إلى أسد الغابة الحكيم الذي ذهب إلى النمر وقال له: “لماذا أنت متسلط على القرد المسكين؟” قال النمر: “أنا أكره القرد”، فقال الأسد الحكيم للنمر: “ابحث عن سبب مقنع لكي تضربه! مثلاً بدلاً من ضربه دون سبب، أطلب منه أن يأتي لك بتفاحة، فإذا أحضر تفاحة حمراء اضربه وقل له لماذا لم تحضر خضراء، واذا أحضر خضراء، اضربه وقل له لماذا لم تحضر حمراء!”. وفعلاً ذهب النمر للقرد وطلب منه تفاحة، ففاجأه القرد قائلاً: “خضراء ولا حمراء؟” فضربه النمر كف وقال: “ليش مو لابس طاقية!!