من زاوية جديدة، ينجح الكاتب “حسام عيتاني” في قراءة التاريخ، مما يمنح كتابه الصادر عن دار الساقي “2011′′، نكهة وأفقا، مستفيدا -ربما- من الخريطة ذاتها، التي رسمها “أمين معلوف” في فرنسا، من خلال مؤلفه الأول “الحروب الصليبية” فقفزت باسمه عاليا، لأنه قدمها للغرب، من وجهة نظر الشرق، وكما رواها العرب، “حسام عيتاني” يفعل الشيء نفسه، معكوسا إلى حد ما، بحس صحفي طيب، لكن بمهارة روائية أقل، ليس في هذا ما يعيب على أية حال، ما يتناوله كتاب (الفتوحات العربية في روايات المغلوبين)، هو بالضبط ما يحمله العنوان، من مضمون ومنهج، فتتكشف أشياء ربما استغربت عدم التفكير بإمكانية حدوثها، حتى لو خدشت كثيرا مما ظننته مسلمات، واعتبرته طبيعيا، أي قراءة متخذة موقفها سلفا، ضد كل ما يمكنه أن يهز الصورة، يصعب على صاحبها هضم المادة التاريخية الموثقة في الكتاب، لكنها على أية حال وجهة نظر، وموقف شعوب تمت هزيمتها، وكتابة بعض من أهلها، قبل وأثناء وبعد الانكسار بقليل، بالنسبة لي، حاولت تسجيل حركات وقناعات وطرائق تفكير المغلوبين، من كل الأمم والشعوب التي تناولها الكتاب، فما صدمني التاريخ، بربع ربع ربع ما صدمني الحاضر، الذي لنا فيه كأمة عربية، القناعات والمفاهيم والأفكار ذاتها التي كانت لكل شعب مغلوب سابق، ولا أدري حقيقة ما إذا كان علينا أن ننتصر لتتغير هذه المفاهيم من تلقاء نفسها، أم أن علينا أن نغير هذه المفاهيم، ونقلل من أهميتها، لننتصر، إليكم ما جمعته من صفات المغلوبين عموما: 1 – كل الهزائم سببها خطايانا، وذنوبنا، وتقصيرنا في ديننا، وابتعادنا عن الطريق القويم! 2 – وحشية الطرف الثاني في الصراع! 3 – كثرة الأحلام والرؤى، ووفرة المفسرين والمعبّرين! 4 – فكرة الإيمان بوجود مخلّص، محفوظ لها في الغيب، والنجاح دائما في تقديم إشارات دالة على قدرية ظهوره، وقرب موعده، من إيحاءات المقدّس! 5 – الانشغال بمسألة “تعريف الآخر”! 6 – انتشار مؤلفات تحمل صبغة حوارية بين الغالب والمغلوب، في العقيدة والمفاهيم، تنتهي بعكس ما يقوله الواقع، كلها تنتهي بانتصار المغلوب على الغالب، وقناعة الغالب بسلامة منهج المغلوب! 7 – مقاومة إعجاز الاختراع عند الغالب، باختراع المعجزات عند المغلوب!