مقاربة جديدة لمفهوم الفتوحات العربية يقدمها الكاتب الزميل حسام عيتاني في كتابه الجديد «الفتوحات العربية في روايات المغلوبين» (دار الساقي). ولئن مثلت هذه الفتوحات حدثاً تأسيسياً للتاريخ العربي-الإسلامي فإن أصوات الشعوب المغلوبة غابت عن المدونة العربية غياباً كانت له تبعات سلبية على تشكيل صورة العرب والمسلمين عن انفسهم. ولعلها المرة الأولى يقدم فيها كتاب بالعربية الروايات التي سجلتها الشعوب المغلوبة عن الفتوحات، استناداً إلى المصادر الأصلية. ومن الإخباريين البيزنطيين إلى القساوسة الأقباط ورجال الدين الزرادشتيين والمؤرخين الصينيين، إلى المدونين اليهود والرهبان الإسبان، ترتسم صورة مختلفة وجديدة للفتوحات العربية بصفتها حدثاً عالمياً. فالفتوحات، بخروجها من أراضي الجزيرة العربية تحولت إلى حدث متعدد الأطراف، خصوصاً أن أعداداً كبيرة من سكان البلاد التي قصدتها الفتوحات ظلت على دياناتها ومعتقداتها وعاداتها الاجتماعية وحافظت على بناها السياسية والاقتصادية في العديد من الأماكن التي بلغتها الجيوش الفاتحة. وظهر بعد انحسار موجة الفتوحات من قدم روايته للأحداث. يسعى عيتاني في هذا الكتاب إلى معاودة تقويم الروايات التقليدية العربية للفتوحات، وللتاريخ العربي -الإسلامي برمته، وعرضها على النقد والبحث العلمي، كمقدمة لازمة لإنتاج فهم حديث يساهم في التقدم الحضاري وكسر القوالب الجامدة التي سجن العرب انفسهم فيها، من جهة، وتلك التي دفعتهم إليها بعض مدارس الاستشراق العنصرية، من جهة أخرى. وضم الكتاب احد عشر فصلاً علاوة على المقدمة.