أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أمس الأربعاء تحويل مبلغ “32 مليون دولار” المتوجب على بلاده، في تمويل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وباقي رفقائه، بعد أن كانت هذه المسألة تهدد مصير حكومته بالسقوط. والمبلغ يشكل حصة لبنان عن العام 2011. ووفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية تم تحويل المبلغ المقرر من الموازنة الخاصة برئاسة مجلس الوزراء (الهيئة العليا للإغاثة)، ما يعني أن ميقاتي لم يكن مضطراً للمرور بالحكومة التي ترفض أكثريتها الممثلة بحزب الله وحلفائه التمويل.ويساهم لبنان بحسب النظام الأساسي للمحكمة التي أنشئت العام 2007 بقرار من مجلس الأمن وبناء على طلب لبنان، بنسبة 49% من تمويل المحكمة المكلفة محاكمة المتهمين بقتل رفيق الحريري في عملية تفجير في بيروت في 14 شباط/فبراير 2005 اودت بحياة 22 شخصا آخرين. وقال ميقاتي في كلمة من مقر رئاسة الحكومة في وسط بيروت نقلت مباشرة عبر محطات التلفزة المحلية “قمت هذا الصباح بتحويل حصة لبنان من تمويل المحكمة الخاصة بلبنان”، مضيفاً “هذه الخطوة ليست انتصاراً لفريق أو انهزاماً لآخر، ولا هي تسليم باتهام أشخاص أو جهة بالضلوع في جريمة الاغتيال”.وتابع “انه باختصار قرار وطني يحفظ لبنان ولا يعرضه لاختبارات قاسية بدأت تلوح طلائعها في أكثر من مجال. انه قرار وطني يحمي وحدة لبنان (...) ويعطي الوطن فرصة إضافية لنبعده عن تداعيات ما يحصل في منطقتنا من تطورات متسارعة”. واعتبرت المعارضة اللبنانية أن قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدفع حصة لبنان في تمويل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، يشكل انتصاراً لها واعترافاً ضمنياً من حزب الله بشرعية المحكمة الدولية. وقال المنسق العام لقوى 14 اذار (معارضة) فارس سعيد لنفس الوكالة أن قرار التمويل “يشكل انتصارا واضحا وقاطعا لتيار الاستقلال (المعارضة) الذي لم يكف عن دعم إنشاء المحكمة في مقابل تيار آخر اتهمها بأنها محكمة أمريكية إسرائيلية”، في إشارة إلى حزب الله.وأضاف “انه اعتراف واضح من الحكومة بوجود المحكمة الدولية وبأهميتها وبتعاون لبنان مع قرارات الأمم المتحدة”، مضيفا أن “الحكومة التي شكلها حزب الله وسوريا تعود إلى نقطة البداية وتعترف بالمحكمة”.وقال سعيد “بالنظر إلى أن الحكومة التي تضم حزب الله اعترفت بالمحكمة الخاصة بلبنان، فالمطلوب الآن متابعة التعاون لجهة تسليم المتهمين الأربعة في جريمة اغتيال الحريري إلى المحكمة”. وسبق إعلان ميقاتي المفاجىء عن تحويل المساهمة المالية إرجاء جلسة لمجلس الوزراء كانت مقررة أمس وعلى جدول أعمالها بند التمويل.وكان ميقاتي هدد الأسبوع الماضي بالاستقالة إذا لم يقر مجلس الوزراء التمويل في الجلسة المقرررة أمس الأربعاء. ورحبت السفيرة الأمريكية في بيروت يوم أمس بتحويل لبنان حصته من تمويل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري، مشيرة إلى أن التزامات لبنان تجاه المحكمة لا تتوقف عند مسألة التمويل.ونقل بيان صادر عن السفارة الأمريكية أن السفيرة مورا كونيلي “رحبت بقيام رئيس الحكومة ميقاتي بتسديد حصة لبنان في تمويل المحكمة الخاصة بلبنان”. وأصدرت المحكمة الخاصة بلبنان مذكرات توقيف دولية في حق أربعة عناصر من حزب الله بعدما اتهمتهم بالمشاركة في اغتيال الحريري. وأبلغت السلطات اللبنانية المحكمة أنها لم تتمكن من توقيف المتهمين أو العثور عليهم.ويتهم حزب الله المحكمة بأنها “مسيسة” و”تخدم أهدافا أمريكية إسرائيلية”.وأعلن حلفاء حزب الله وأبرزهم التيار الوطني الحر برئاسة النائب المسيحي ميشال عون كذلك رفضهم التمويل. كما صدر ترحيب عن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، بقرار رئيس الحكومة الذي “أتاح للبنان الحفاظ على استقرار حكومته”، وحض السلطات اللبنانية على المضي في تعاونها مع المحكمة.وفي لاهاي، أشاد المتحدث باسم المحكمة الخاصة بلبنان مارتن يوسف بالقرار اللبناني وقال “نرحب بقوة بإعلان رئيس الوزراء وننتظر بفارغ الصبر تسلم المال”، موضحاً أن “إيداعه الحساب المصرفي سيستغرق أياماً عدة”. المحكمة الدولية | تمويل المحكمة الدولية | لبنان | ميقاتي