في الخليج اليوم مدرستان مختلفتان حول طريقة التعامل مع الاستفزازات الإيرانية في المنطقة. مدرسة ترى خطورة حقيقية في تصعيد إيران وتؤمن بفكرة التصعيد مقابل التصعيد. هذه المدرسة لا تعني بالضرورة دقَّ طبول الحرب مع إيران ولكنها تدعم أخذ الحيطة والتأكُّد من الجاهزية العسكرية لمواجهة أي خطوة إيرانية قد تشكِّل لأهل الخليج -دولة الإمارات تحديداً- إعلان حرب. يقابل هذه المدرسة رؤية خليجية أخرى تؤمن بالتهدئة وترى في التصعيد استفزازاً لقوى متطرفة في الداخل الإيراني مما قد يسهم في صبِّ الزيت على النيران الملتهبة أصلاً. وهذا الموقف لا يعني ضعفاً أو خوفاً -كما قد يراه البعض في إيران وفي العالم العربي- وإنما استمرار في سياسة “التعاطي مع إيران بالحكمة” خصوصاً وأن إيران دولة مجاورة ومن شبه المستحيل إلغاء حقائق الجغرافيا في منطقتنا. هذه المدرسة تراهن أيضاً على حاجة إيران الاقتصادية لموانئ الخليج وللتبادل التجاري مع دول الخليج. بمعنى آخر فإن اعتمادها اقتصادياً على دول الخليج العربية سيردعها من أي خطوة متهورة مهما استمر أحمدي نجاد يطلق تصريحاته المستفزة. كلا المدرستين تمتلك مبرّراتها المنطقية وقناعاتها السياسية ومصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. في ظني أن وجود هاتين المدرستين مفيد في الرد على تهديدات إيران وغطرستها. فنحن هنا نقدِّم خيارين: خيار المواجهة، والتعامل بالمثل، وخيار ثان يقدِّم السلم على الحرب وحسن الجوار ومصالحه على التوتر وخسائره. إننا نضع الخيارين على الطاولة كيلا تظن إيران أن الصمت الخليجي إزاء تصريحات نجاد وتهديداته خوف وضعف. فأولئك الذين يتبنون خطاب التصعيد ضد إيران يدركون -أيضاً- نقاط الضعف الإيراني وهم على معرفة وثقة أن موازين القوة على الأرض -اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً- ليست بالضرورة لصالح إيران.