تتكون عناصر جريمة القتل من ثلاثة عناصر أساسية، ولو أتيحت لك الفرصة ذات يوم للاطلاع على ملف جريمة قتل في أحد مراكز الشرطة ستجد أن سجل الجريمة يتكون من ثلاثة عناصر هي: القاتل والمقتول وأداة الجريمة «مسدس أو سكين أو سم قاتل...» لكن الجريمة التي سوف أتحدث عنها لم تسجل في أية دائرة شرطة بسبب اختفاء معالم الجريمة. وللتبحر في هذه القضية والتعرف على المجرم الذي لم تثبت إدانته بعد، وهو محطات الوقود المنتشرة داخل الأحياء السكنية خاصة القديمة منها والتي تشكل خطراً على صحة المواطنين من خلال تلوث المياه الذي يؤدي إلى القتل البطيء، فمحطات الوقود ومغاسل السيارات تستخدم الديزل القديم وتوجد تسربات في بعض الخزانات وتحديداً القديمة منها، كما أن تسرب المواد البترولية يصل إلى الخزانات الأرضية في العمائر السكنية ويؤدي إلى تلوث المياه من خلال الاختلاط بمياه الشرب والذوبان فيها ويصعب اكتشاف ذلك إلا بالتحليلات المخبرية. ولا يقتصر التسرب على الخزانات الأرضية، بل يتعداها إلى الآبار القريبة وكذلك موارد المياه المغذية والآبار والخزانات الجوفية تحت الأرض التي تعتبر المورد الرئيسي لكثير من المدن خاصة أن الدولة تعتمد على مياه الآبار في الأغراض. ولا شك في أن ما ينجم عن هذا الاختلاط يؤدي إلى الأمراض الفتاكة ومن أخطرها المرض القاتل السرطان، إضافة إلى الكبد الوبائي وشلل الأطفال وأمراض القولون بسبب إهمال صاحب محطة الوقود للصيانة ولو مرة كل سنة واعتماده كلياً على العمالة الوافدة في تشغيل محطات الوقود، فلا يعنيه غير الكسب المادي خاصة أنه لا يوجد «حسيب ولا رقيب» فيجب على وزارة البترول والثروة المعدنية وهي الجهة الممولة لمحطات الوقود بالمواد البترولية أن تجبر أصحاب المحطات على الصيانة السنوية لخزاناتهم الأرضية، ومن يرفض الصيانة يقطع عنه الوقود مثل الفحص الدوري للسيارات، ثم الحد من هذه المشكلة. ومثل هذه الجرائم من الصعب اكتشافها حيث إن القاتل هو صاحب المحطة وأدوات الجريمة الخزانات الأرضية المتسرب منها المواد البترولية السامة التي تختلط بمياه الشرب، ويكون الضحية في هذه الجريمة التي لم تسجل في أية دائرة أو سجلات الشرطة هو المواطن. ألا تستحق هذه الجريمة أن توصف بالجريمة الكاملة. قوانين محطات الوقود الغائبة لا يوجد قانون يمنع إنشاء محطات الوقود داخل الأحياء السكنية في السعودية طالما أن الشروط الخاصة بالإنشاء تم توفيرها، ومن أهم الشروط «الموقع الملائم في المساحة وأن تكون المحطة على شارعين رئيسيين ويشترط أن تكون بعيدة عن المستودعات والمستشفيات والمدارس والمنشآت».