أوضحت باحثة في التاريخ أن الإسلام يرفض معالجة الفكر الغربي للوقائع التاريخية، لأنه يقصي العناصر الغيبية من مراجع المعرفة التاريخية، ويبني فرضياته على التجربة والعقل، مما يتسبب في قصور في فهم العلاقة الجدلية بين الخالق والإنسان والطبيعة. وأفادت أستاذ التاريخ الحديث المساعد بكلية الآداب والفنون في جامعة حائل، الدكتورة مرفت إبراهيم، أن هذا القصور لازمه نقص في فهم حيثيات الوقائع التاريخية وتفسيرها بطريقة موضوعية، مما يعد عيباً في منهج البحث التاريخي عند الغرب. جاء ذلك خلال ورقة بعنوان «موقف الإسلام من التفسير التاريخي عند الغرب»، قدمتها إبراهيم، مساء أمس الأول في محاضرة أقامها نادي حائل الأدبي، وأدارتها أمجاد عبدالرحمن. وقالت إبراهيم إن في القرآن الكريم مساحة كبيرة للمسألة التاريخية تأخذ أبعاداً واتجاهات مختلفة، مضيفة أن «الإسلام يبني مذهبه وفق أسلوب موضوعي يصوغه القرآن الكريم في مبادئ عامة يسميها سنناً ويعتمد عليها المفسرون المسلمون لتفسير حركة التاريخ وفهمه وإدراك عناصر حركته ومصائر وقائعه»، بينما تستند أيديولوجية الغرب، في مذهبها، على أدلة وضعية سعت لقولبتها وتنظيرها في إطار تعسفي. وأكدت أن «الإسلام يرفض قول هيجل في أن التاريخ لا يصلح للعظة والعبرة، لأن الإسلام أورد لنا قصص السابقين ليكونوا لنا عبرة»، مشددة، في الوقت نفسه، على خطأ نظرية ماركس الذي يرى عدم ثبوت أبدية الأشياء، وأنه لا يوجد قانون مطلق أو أخلاق مطلقة، إنما هي انعكاسات لأسلوب الإنتاج. وكانت إبراهيم بدأت ورقتها بمقدمة تناولت فيها ارتباط الإنسان بماضيه ونظرته إلى الحياة والقوى المؤثرة في تكوينه، وظهور «فلسفة التاريخ»، قبل أن تنتقل للحديث عن فلسفة التاريخ عند ابن خلدون، مشيرة أنه تعرض لتعريف التاريخ ووضع علة لأحداثه، لذا كان أول الباحثين عن علة التاريخ وتفسيره عند العرب، أما أول من تكلم في هذا الشأن من الغرب فهو أوجستين. وتحدثت عن نظرية التفسير المثالي للتاريخ، موضحة أن هيجل يعتبر «في جملة المثاليين القائلين بأن الفكر أو الفكرة أساس كل ما هو موجود، وأن الأفكار هي التي تُسِير التاريخ»، مبينة أن المفكرين من غير المدرسة «الهيجلية» يقولون أن الرأي هو الذي يحكم الدنيا، وجعلوا العقل الإنساني وحده المسيطر، فأعطوه أكبر من قدره.