المشاركة في مناسبة رسمية عقدت في العاصمة اليابانية طوكيو الأسبوع الماضي أتاحت لي فرصة الاحتكاك مع مجموعة من الرعايا السعوديين المقيمين في اليابان لغرض العمل أو الدراسة، حيث يعملون ويتصرفون كاليابانيين تماماً. فهم يحرصون على حضور مواعيدهم في الوقت المحدد دون تأخير، ويربطون حزام الأمان عند قيادة السيارات، ولا يرمون المخلفات في الشارع، أو يستخدمون منبه السيارة بالطريق نهائيا، وكأن سياراتهم نزعت منها المنبهات الصوتية. وهم جالية محترمة، لا تواجه الدولة المضيفة أي مشاكل معهم، والكثير منهم يتحدث اللغة اليابانية بطلاقة خاصة موظفي أرامكو وأبناءهم، وبعض الموظفين في السفارة والملحقية الثقافية.وضع الجالية السعودية في اليابان دليل على أن المواطن السعودي يمكن أن يتكيف مع النظام متى شعر بوجود سلطة تفرضه بحزم. ومع مرور الوقت يمكن أن تتحول قيم النظام لديهم إلى التزام ذاتي يغرسونه بشكل تلقائي لدى أبنائهم، وتتوارث الأجيال تلك القيم شأنهم شأن الشعوب المتحضرة. وهذا ما يتمناه الكثير، بأن يصبح احترام النظام لدينا أمراً واقعاً يعيشه الجميع. فمن المؤسف أن يظهر بعض المسؤولين على وسائل الإعلام ويبررون عجزهم عن فرض النظام في إطار الجهاز الذين يشرفون عليه بأن ثقافة المجتمع هي السبب في فشل تطبيقه أو تعثره، أي أن المجتمع ضد النظام، بينما نجاحه، وإيجاد مجتمع القانون، يتحقق بفرضه على الجميع بواسطة السلطة الجبرية وتوقيع الجزاء على من يخالفه. مع عدم التقليل من شأن الوسائل الأخرى مثل التوعية المستمرة عبر وسائل الإعلام، وتدريب النشء على احترام النظام، مثلما نفعل بشأن تلقينهم العادات والتقاليد الحسنة، كاحترام الكبير، وإكرام الضيف، والإحسان للجار.