بكل المعايير المتوفرة، لا يمكن اعتبار الإرهاب صناعة تنمية. التقييم الأكثر شمولية للموضوع موجود في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية المنتدب من قبل الكونجرس الأمريكي حول الموضوع، الذي يشمل الإرهاب والإرهابيين في جميع أنحاء العالم. بحسب التقرير، يقل عدد الإرهابيين سنويا وتتناقص قدراتهم. ومن الصعب العثور على أمثلة كثيرة يقوم فيها الإرهابيون بقتل الأجانب دون تمييز. الحقيقة هي أن غالبية الإرهابيين هم من السكان المحليين الذين تقودهم قضايا محلية. كما أنه أصبح أكثر صعوبة العثور على جماعات وأفراد يمتلكون مستويات مرتفعة من الكفاءة والموارد، والحوافز، والمهارة اللازمة للسفر إلى بلدان أخرى والقيام بأعمال إرهابية. وفيما يتناقص عدد الإرهابيين، هناك توجه مؤسف نحو المبالغة في قدرات أولئك الباقين. في الولاياتالمتحدة، أحد الادعاءات المستمرة حول خطر الجيل القادم من الإرهاب يتعلق بحزب الله. تتحدث أجهزة الإعلام غالبا عن قيام حزب الله بقتل عدد أكبر من الأمريكيين (وكذلك فرنسيين) من أي جماعة إرهابية أخرى باستثناء تنظيم القاعدة. ويعتقد أن الشيعة الذين شكلوا حزب الله في النهاية هم الذين قاموا بتفجيرات 1983 ضد السفارة الأمريكية في بيروت، وبذلك قضوا تماما تقريبا على المحطة التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) التي كانت تجتمع في غرفة اجتماعات، ثم قاموا بتشكيل حزب الله بعد عامين من تلك الحادثة. التفجيران اللذان حدثا بعد ذلك في ثكنتين عسكريتين في بيروت أدا لمقتل 242 أمريكيا وأكثر من سبعين جنديا فرنسيا. هناك أعمال خطف وقتل أخرى ضد أمريكيين وأجانب آخرين في لبنان في ثمانينيات القرن العشرين يعتقد أن نفس الأفراد قاموا بها. التفجيرات وعمليات القتل والخطف حدثت في وقت كان فيه الغرب يستخدم القوة العسكرية لاستعادة النظام في لبنان، تدخل كان يقصد به جزئيا إحباط أي دور شيعي في الحكومة. حزب الله لم يقتل أي أجانب غير الإسرائيليين منذ تلك العمليات التي قد يعدها البعض دفاعا عن النفس وليس هناك أي أدلة بأن الجماعة لديها أي رغبة في استهداف أي طرف خارج لبنان وإسرائيل. حزب الله يركز كثيراً على تعزيز مصالحه داخل لبنان، حيث هو جزء من الحكومة حالياً، وفي الوقوف ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية التي وضعت لتدميره. مع ذلك فإن الحكاية حول التهديد الذي يشكله حزب الله مستمرة. ربما كان ريتشارد أرميتاج، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، أول من وصف حزب الله بأنه الفريق الإرهابي الأول. بعد ذلك تقاعد أرميتاج وفتح شركة استشارية تقدم استشارات للزبائن من الشركات حول كيفية التعامل مع التهديدات الإرهابية، لذلك فإن مصلحته في التحذير من مخاطر الإرهاب ربما لا تكون حيادية تماما. هيلاري كلينتون أيضا حذرت من حزب الله، واستخدمت مصطلحات مشابهة لمصطلحات أرميتاج مع أنها تعرف أفضل من كثيرين أن حزب الله ليس له مصلحة في مواجهة الولاياتالمتحدة. ثم هناك خبراء الأمن في الإعلام. هم يقولون إن حزب الله لديه خلايا نائمة داخل الولاياتالمتحدة وهي مستعدة للنهوض في أي وقت ومهاجمة الشعب الأمريكي فور تلقي أوامر من طهران. بحسب الرواية التي يتم تداولها، هناك مئات وربما آلاف العملاء من حزب الله منتشرون في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة. كثير من هؤلاء موجودون هنا منذ سنوات طويلة وبعضهم أسسوا أعمالا ناجحة وكونوا ثروات لا بأس بها سيستخدمونها لتمويل الإرهاب. كل ما ينتظرونه هو أوامر لشن الهجمات. المشكلة الوحيدة في تلك الرواية هي أن مكتب التحقيقات الفيدرالي فشل في العثور على أي شخص من هذه الخلايا النائمة على مدى أكثر من عشر سنوات. الكثيرون، حتى من داخل الحكومة، وصلوا إلى قناعة الآن بأنه لا توجد خلايا نائمة. الحكومة الفيدرالية لم تعثر بعد على ناشط واحد من حزب الله في الولاياتالمتحدة. إن على المرء أن يتساءل عن السبب الذي يجعل حزب الله بإمكاناته وقدراته المتواضعة يضيع وقته وجهوده في وضع خلايا نائمة في الولاياتالمتحدة، لكن الإجابة واضحة بأنه لا يوجد سبب لذلك. لذلك علينا أن ننظر إلى المشكلة بشكل أعمق ونحاول أن نتعلم ما هو جدول الأعمال الحقيقي لحزب الله. بالتأكيد أنه على مستوى ما من حزب الله يوجد وحش أسود يهدد واشنطن وتل أبيب. لكن جدول الأعمال الأكبر والأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل هو في إيجاد سبب زائف واحد أو أكثر للذهاب إلى الحرب. إنه نفس المنطق الذي استخدم ضد صدام حسين أنه كان يدعم الإرهاب. الادعاء بأن حزب الله، وهو حليف لإيران، يستعد للقيام بأعمال إرهابية داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية يتم مقارنته حاليا مع ما يشبه تنظيم قاعدة جديدا. أولئك الذين سيقولون إن جدول أعمال الإرهابيين يجب أن يتم إيقافه بأي ثمن يعرفون أن ذلك يعني الذهاب إلى الحرب.