على الرغم من أن الدوائر المعنية بمكافحة التدخين أصيبت بخيبة أمل جراء رفض مجلس الشورى توصية تقضي بحظر بيع التبغ ومشتقاته لمن هم دون سن الثامنة عشرة فإني أظن أن المجلس محق في رفضه، ومرد ذلك إلى أن المجلس نظر للأمر بواقعية شديدة وليس من باب الجذب الجماهيري وكسب الأضواء بالشعارات على نمط بعض القرارات التي تطلق لدغدغة المشاعر ولكنها غير عملية وغير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وفي رأيي فإن المجلس لو اتخذ التوصية فإنه يضع العربة أمام الحصان، لأن الجميع متفق على ضرر التدخين ومتفق أيضاً على أهمية منع بيعه للصغار وإيقاع العقوبات بمن يخالف ذلك، ولا حاجة تكون لتوصية غير ملزمة بذلك لأنها تحصيل حاصل، والطبيعي أن تبادر الجهات المعنية كالتجارة والصحة والداخلية والعدل بوضع تشريع يتضمن نظاماً واضحاً لمن يخالف القرار والأهم منه آلية أكثر وضوحاً لتنفيذه، وبعد الانتهاء منه يحال إلى مجلس الشورى لمناقشته وإقراره، وحرص الشورى على صحة الأطفال ووقايتهم من التدخين يترجم بإقراره بسرعة ولا يستغرق كالعادة شهوراً للمناقشات والمداولات، فهناك أمور لا تحتاج إلى توصيات واقتراحات خاصة في الأمور المتفق عليها، وإنما إلى قرار حاسم من الجهات المعنية بعد دراسته ومناقشته حتى لا يكون قراراً متعجلاً مليئاً بالثغرات، وفي إطار التدخين قيل الكثير عن أضراره وسبل مكافحته وعلاج إدمانه وكلها لم تخرج عن دائرة النوايا الحسنة، وعندما صدر قرار منع التدخين في المطارات والدوائر الحكومية تحت طائلة العقوبة ظهر أثره سريعاً في المطارات دون مداولات وتوصيات، وتخيل لو صدرت توصية منع البيع للصغار وصدر قرار بالمنع دون آلية للمحاسبة كمية الفوضى والأضرار التي تترتب من ناحية من يمنع ومن يحاسب ومن يردع، وترك المجال للمتطوعين أو المتضررين وعندما تصل إلى الجهات المعنية يكون الرد عدم وجود صلاحية أو ليست لديهم تعليمات، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على المراكز الخيرية لعلاج إدمان التدخين التي فيها من الحماس والنوايا الحسنة أكثر من التأثير المطلوب لضعف الإمكانات وقلة الخبرة، ولو اقتطعت هللات معلومة من رسوم جمارك كل علبة دخان وتم توريدها إلى حملة وطنية لقامت بعملها أكثر من الجهود المشتتة والضعيفة.