قال المحاضر في جامعة الملك فيصل في الأحساء، الدكتور عامر الحلواني، إن معلقة الشاعر الجاهلي امرئ القيس، تميزت عن التراث الشعري بقيمة متفردة، لتكون أول قصيدة تعلق في الجاهلية على أستار الكعبة المشرفة. وأضاف أنها نالت حظاً وافراً من عناية الباحثين المحدثين، عرباً ومستشرقين، فترجمت إلى اللاتينية، والإنجليزية، والسويدية، والألمانية، والروسية، فضلاً عن شرحها والتعليق عليها وتحليلها وتأويلها. جاء ذلك خلال محاضرة، ألقاها الحلواني في نادي الأحساء الأدبي، مساء أمس، بعنوان «معلقة امرئ القيس مقاربة سيميائية»، وأدارها القاص محمد البشير، بحضور أكاديميين وأدباء ومثقفين. وأوضح الحلواني أن بعض المستشرقين نعت الملعقة بكثير من التسرع، وهو»رينولد نيكلسون»، والتفكك والتشتت، وغياب الوحدة العضوية، وانعدام التوازن بين موادها المتنافرة، والقصور عن تجاوز التجسيد للمرئيات، كما وصفت من المستشرق الألماني»نولدكه» بالتسرع نفسه، وبتناقض الأجواء العاطفية والنفسية السائدة فيها، حتى أنها بلغت حداً من التشويش، في رأيه، يغري بإهمالها كلياً، حتى لو كانت مثال القصيدة الجاهلية بلا منازع. وبين أن نقاداً عرباً نسجوا على منوال المستشرقين، ومنهم طه حسين، ومحمد زكي، وانتهوا إلى أن الذهنية العربية القديمة، تمثل عاهة تتسبب في الفوضى وانعدام النسق، تبعاً لهذا التشتت الملحوظ في معلقة امرئ القيس، على حد ما وصفوا. وقال إن الهدف من مقاربته السيميائية لهذه القصيدة، هو استئناف الحكم الذي أصدره هؤلاء النقاد في شأن القضية (قضية الفوضى في المعلقة)، معتبراً أنها متماسكة، عكس ما ذهب إليه النقاد أولئك، وهذا يعكس تفاعل الذات المبدعة لدى الشاعر، مع نزعته التأملية في الكون، والوجود، وذهنيته التأليفية، فالمعلقة شبكة من العلامات والدلالات الآخذه بعضها بأعقاب بعض. ودلل على جمالية المعلقة، بقابليتها لتعدد القراءات والتأويلات، موضحاً أنها من النصوص المعالم، وهي رهينة الجواب عن سؤال الوجود وقابلة للتأويل الأنطولوجي، ومدخل من مداخل فهم الوجود، لافتاً إلى أن بعض الباحثين أرجع سبب نظم القصيدة إلى يوم «دار جلجل»، حيث ظهر امرؤ القيس لأبكار يستحممن في غدير، ومن بينهن «عنيزة» ابنة عمه «شرحبيل» وحبيبته، وإثر ذلك عقر لهن ناقته ونظم مطولته (معلقته).