وكأن الأيام لم تمض، بالأمس كان بيننا، وروحه لم تفارقنا بتلك الضحكة البهية والتواضع الجميل. لم يتعامل ذات يوم بأستاذية ولا نظرة فوقية لكنه كان مستمعاً جيداً. ولمن لا يعرف الراحل شاكر الشيخ يقرأ اليوم عن حياته في الصحف وزوايا لكُتَّاب يفتقدون شاكر الصديق. فقدنا شاكر الشيخ في 15 يوليو 2011م، حينما كان يمارس ركضه اليومي. لم يتعب يوماً من صناعة الجديد، وكانت مخيلته دائما تملك إبداعاً لم يكتمل، وقد جعل شاكر الفنان والشاعر آخر مرحلة له في الحياة، كما ظلَّ يحاول إتقان العزف على العود كما أتقن التلحين والشعر. وكانت «لأمير سلوى» مبادرات كثيرة في الحياة الإبداعية، ولا يوجد ناقدٌ أو شاعر إلا ويعرف شاكر الشيخ، الذي كان يفتح (الروف)، كما يحلو له تسميته «سطح منزله» لجميع الأصدقاء، القادمين من خارج المنطقة يحتفي بهم، يجمع لأجلهم الأصدقاء في جلسات حميمة، يتبادلون هموم الإبداع والكلمة وصناعة الثقافة. ظل شاكر الشيخ الإنسان قلقاً على حياة صغاره وكثيراً ما كان يهتم لمستقبلهم، يحاول صناعة ما هو جميل لهم للكبير منهم قبل الصغير. يواسي الصديق حتى لو عن بعد، كما فعلها معي ذات يوم وبعث لي نصاً قام بتلحينه وتسجيله حينما توفي (محمد) وأرسله لي عبر الأصدقاء، حينها كان شاكر في بيروت. شاكر الذي أخذ بيدنا نحن الذين عملنا معه في جريدة اليوم نهاية 1995م (حسين العوامي، حبيب محمود وكاتب هذه السطور)، وكان يقسو علينا في العمل الصحفي كي ينتج جيلاً جديداً من الصحفيين الشباب. ولعلها ميّزة في الراحل شاكر الذي أخذ بيد الكثيرين في العمل الصحفي. كما كان للراحل دور في تأسيس جمعية الثقافة والفنون في الأحساء إلى جانب عبدالرحمن الحمد وجواد الشيخ وعبدالرحمن المريخي الذين تقاسم معهم الفن والإبداع والتلحين. رحل شاكر وترك منجزاً إبداعياً لا يموت، ومن حقِّه علينا ألا ننسى هذا التاريخ وتسجيل ذاكرة المشروعات المعلّقة التي كان ينوي لملمتها قبل رحيله. وأتمنَّى من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وهو من المؤسسين لها، أن تسعى لنشر هذا المنجز في كتاب، وإعادة الكاسيت الذي تمنَّى شاكر إعادة تسجيله مرة أخرى. وستحسب لها هذه المبادرة كما حسبت لها وضع اسمه على النسخة التاسعة من مهرجان الدمام المسرحي.