هشام محمد سعيد قربان مكرَّمٌ أنت أيُّها الإنسان، وكيف لا تكون مكرَّمًا وقدِ امتزجتْ بكيانكَ نفخةٌ إلهيَّة؟! نفخةٌ كريمةٌ اقترنتْ بهدايةِ الوحي، فجعلتْ من الطين خليفة الله المجتبى في أرْضه، كُرِّمْتَ بإرسال الرُّسُل، وسَن الشرائع وحمايتها؛ لتحفظ حياتك، وعقلك، ودينك، وعرضك، ومالك، وكل كيانك. كثيرٌ منَّا قد يستغربُ إذا صادفتْه هذه الكلمات في مُقدِّمة كتاب مختص أو ورشة عمل عن الإدارة والقيادة، ولعل هذا الاستغراب يزول إذا تذكَّرْنا حقيقتَيْن؛ أولاهما: كون الإنسان أهم جزءٍ على الإطلاق في منظومة الأداء والإنتاج، و ثانيهما: أن عِلْم الإدارة والقيادة يرْتكِزُ على محاولة فَهْم هذا الإنسان المكرَّم، واكتِشاف طاقاته الكامنة، وتفجيرها وصقْلها، وتوْجِيهها لمصالِح المُنْشآت وأهْدافها. إذا سلَّمنا بِوُجُود صلات وروابط وثيقة بين قيادة البشَر، والحِفاظ على كرامتِهم، فإنَّه بإمكاننا أن نُعْمِل خيالنا، في تخيُّل الموضوعات، وعناوين الفُصُول والاقتِراحات العمليَّة المُنبَثِقة من هذه المقدمة، والمتناغِمة معها، من هذه العناوين ما يلي: ما هي الكرامة؟ حفظ الكرامة كأساس للقيادة، وفَهْم كرامة الإنسان، والكرامة بين العقْل والنَّقْل، وإنقاذ الكرامة المُهْدرة، وتقدير الكرامة: ادِّعاء أم حقيقة؟ الارتِقاء بكرامة الإنسان، وثمرة حفْظ الكرامة، منشآت تفخر بحفْظ الكرامة. الحصاد المُرُّ في منشآتٍ تقْتُل الكرامة. النبيُّ القائد يُعَلِّم الكرامة. أمثلة حيَّة على أساليب فاعلةٍ لزيادة الإنتاج والارْتقاء بالأداء على أساس احترام الكرامة، والكرامة أولاً وأخيرًا. هذه عناوين لفصول هذا الكتاب الذي نتخيله، ومباحثه الرئيسة التي تجيب على بعض الأسئلة المهمة، وتُثير طائفة منَ التأملات والتساؤُلات، وتثريه مرفقات تحوي تمارين عمليَّة، وأسئلة قياسيَّة، مُوَجَّهة للقادة الذين يُثَمِّنون كرامة العاملين لَدَيْهم، منها: مقياس احترام كرامة الموظفين للقادة. مقياس حفْظ الكرامة في المنشآت. الاكتشاف المبَكِّر لانتقاص الكرامة. خطوات مضْمونة لتحقيق الكرامة. مائة درس عن الكرامة للقائد المبتدئ. الكرامة والولاء للمنشآت. الكرامة والقانون. نحاول من خلال هذا الكتاب الخيالي تَبْيِين أوْجُه القُوَّة للصِّلة المقتَرحة بين كرامة الإنسان والقيادة. ويجمح بنا الخيال ويحلق عاليا في آفاق الطبعة الثانية، حيث استدرك المؤلِّف وأضاف فصْلاً جديدًا؛ يُحاول المصَنِّف أنْ يبطلَ حججَ الذين أخطَأوا فَهْم هذه الصِّلة بين الكرامة والقيادة حين يتنصَّلُون مِن أداء الواجبات المنوطة بهم، بإقْحامهم موضوع الكرامة على غيْر وجْهٍ صحيح. وفي المقابل يُؤَكِّد الكاتبُ أنَّ الكرامة – كمِحْوَرٍ مقترحٍ لقيادة الموارِد البشريَّة – ليستْ عذرًا لمُقَصِّر في واجبٍ، أو منكر لحق، فكما يطالبُ الموظَّف بأداء عملِه على أحْسن وجْهٍ، وهذا في ذاته صيانةٌ لكرامة الموظَّفِ نفسِه، فإنَّ القائدَ – كما هو مُتَوقَّع منه – مُطالَب بمُرَاعَاة الجوانب النفسيَّة والفُرُوق الفردية بين العاملِين لَدَيْه، وتعلُّم واكتِشاف الأساليب المناسِبة لتحْفيز أدائهم، واستخراج طاقاتهم الكامنة، وتوفير بيئة العمل المناسبة، والعمل بأمانة وشفافية على أداء حُقُوق الموظَّفين بطريقةٍ كريمة تُغْنيهم عن ذُلِّ السؤال لما هو مِن حقوقهم، والإلحاح والتذكير، ولسان حاله يقول: إخواني الموظَّفين، إنَّ القيادة أمانةٌ ثقيلة، فأحْسِنوا أداء عمَلِكم في تناغُم مع أهدافنا، ولكم عليَّ أداءُ حُقُوقكم، والسَّعي في تحْصِيلها، والدِّفاع عنها بكرامةٍ، فكرامتكُم هي كرامتي، وكرامتُنا أغلى ما نملك.