زعزع تقرير رسمي هياكل مجموعة من المؤسسات العمومية في المغرب، حين كشف قضاة المجلس الأعلى للحسابات عن العديد من الاختلالات المالية وُصِفَت بالكارثية، مما قد يجر العديد من المسؤولين البارزين إلى ساحة المحاكمة والمساءلة القانونية. ووقف قضاة المجلس الأعلى للحسابات على العديد من الخروقات في مؤسسات خُصِّصت لها ميزانيات ضخمة تقدر بالمليارات، إلا أن هذه الأرقام لم تُوظَّف التوظيف السليم، بعدما تم الكشف عن ثقوب كبيرة في مختلف الموازنات المرصودة. وكشف تقرير «الأعلى للحسابات»، الذي رُفِعَ إلى الملك محمد السادس، عن خروقات مالية في مؤسسات عدة، من ضمنها الخطوط الجوية الملكية، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، ومكتب الصرف، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والوكالة الحضرية في الدارالبيضاء، والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، ومجلس القيم المنقولة، وصندوق التجهيز الجماعي، والمعهد العالي للإعلام والتواصل، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ومكتب التسويق والتصدير والوكالة الوطنية للموانئ.إلا أن الخطوط الجوية الملكية كانت على رأس المؤسسات التي عرفت اختلالات صادمة، حيث كشف التقرير أن عجز الخطوط سيزيد عن ثلاثين مليار درهم خلال السنة الجارية مع تأكيده على استفادة بعض مسؤوليها وعائلاتهم من مجانية النقل فيها مدى الحياة. ولاحظ التقرير أن النتائج السلبية لهذه الشركة فاقت كل التوقعات، واتسمت الوضعية المالية بضعف نمو رقم المعاملات في الفترة من 2006 وحتى 2010، حيث ارتفع هذا الرقم من 10.6 إلى 12.9 مليار درهم، وذلك بفضل الرفع في سعر التذاكر.وسجل التقرير عجزا ماليا صافيا، برسم 2010 بلغ 930 مليون درهم، كما أدى تراكم الخسائر إلى تدهور رأسمال الشركة ما بين 2009 و 2010، حيث انخفض إلى 2.01 مليون درهم بعدما كان يساوي 3.43 مليون درهم عام 2008. في المقابل ارتفعت نسبة الدين من 1.87 عام 2008 إلى 3.93 عام 2010، وهو ما أصبح يعرض خطوط تمويلات الشركة من المؤسسات المالية للخطر، أي صعوبة إقراضها من قبل البنوك وغيرها من المؤسسات المالية. وسجل المجلس أيضا اختلالات تتعلق بنمط التوريد ومراقبة الفوترة، والتسرع في إعداد استراتيجية جديدة، فضلا عن ضعف تحصيل الديون، وسجَّل نقائص في تبرير الاستثمارات في الأسطول الجوي واستغلال وتفويت الطائرات وملاحظات تخص أسطولي ايرباص والرحلات الطويلة المسافة. وبخصوص المكتب الوطني للماء، سجل المجلس عدة ملاحظات تتعلق بتدبير الصفقات العمومية، ومنها على الخصوص، التأخر في إنجاز العديد من المشروعات، وإنجاز دراسات خارج إطار اختصاصات المكتب، ووقف التقرير عند الاختلالات التي شابت أشغال الصيانة والأشغال الكبرى، ومنها مشروع تزويد مراكش بالماء الصالح للشرب، إلى جانب غياب المراقبة المستمرة في مجال مراقبة جودة المياه في بعض المراكز، والخلل الذي شاب تنفيذ مشروعات الصرف الصحي. ومن بين أغرب ما سجله تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات، هو دفع مبلغ حوالي تسعة آلاف دولار من أجل تقرير صحفي نُشِرَ في صحيفة أجنبية حول الوكالة الحضرية للدار البيضاء.وذهب التقرير، الذي أعده قضاة المجلس الأعلى للحسابات ويرأسه وزير الداخلية الأسبق أحمد الميداوي، إلى أن 13 قضية تستوجب أن يبت فيها وزير العدل ويحيلها على المحكمة، مذكرا بأن حوالي 24 قضية تهم التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية رُفِعَت أمام المجلس الأعلى للحسابات و83 قضية أمام المجالس الجهوية للحسابات.