بدأ البرلمان المصري أمس بغرفتيه الشعب والشورى أمس، انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وسط سجال بين الإخوان والسلفيين من جهة والتيارات الليبرالية واليسارية من جهة أخرى حول حصة النواب في الجمعية، والتي تضم مائة عضو نصفهم من البرلمانيين. وانطلقت أربع مسيرات في القاهرة تجاه مركز المؤتمرات في مدينة نصر، مقر انعقاد البرلمان بغرفتيه، احتجاجا على ما أسموه سيطرة الإسلاميين على لجنة الدستور، وأعرب المحتجون عن رفضهم تشكيل اللجنة بنسبة 50 % من داخل البرلمان و50 % من خارجه. ورفع المحتجون لافتات كتبوا عليها “الشعب يرفض انفراد السلطة التشريعية بوضع الدستور”، “نعم لدستور يعبر عن كل المصريين” و”نعم لجمعية من خارج البرلمان تجمع كل أطياف المجتمع المصري”، وأبدوا تخوفهم من سيطرة الأغلبية البرلمانية، ذات الطابع الإسلامي، على صياغة الدستور مهددين بثورة ثانية. في المقابل، يسعى حزبا الحرية والعدالة والنور، صاحبا أكبر كتلتين برلمانيتين، إلى طمأنة المعارضين لهم بالتأكيد على أن قائمة الترشح لعضوية جمعية وضع الدستور تضم مفكرين إسلاميين منفتحين، وأقباطا، ورموزا ليبرالية ويسارية وعدداً من الوجوه الشبابية التي تعبرعن الثورة، وكذلك ممثلين عن القضاة والفنانين والنقابات المهنية، لكى يخرج الدستور معبرا عن كل المصريين بمختلف طوائفهم. غير أن النائب مصطفى النجار، أحد ممثلي شباب الثورة، أعلن امتناعه عن المشاركة في انتخابات اختيار أعضاء الجمعية المكلفة بوضع الدستور اعتراضا على ما سماه “العوار الواضح” في إجراءات اختيارهم، وقال “لن أشارك في إقصاء مصريين من عملية وضع الدستور”. تظاهرة أمام المحكمة الدستورية وفي هذا الإطار، نظم العشرات من النشطاء وقفة احتجاجية أمس، أمام المحكمة الدستورية العليا في ضاحية المعادي، اعتراضا على طريقة اختيار الجمعية التأسيسية للدستور، وهددوا بالدعوة إلى إضراب عام إذا لم يتم تشكيلها بشكل يكفل تمثيل جميع القطاعات والتيارات وفئات المجتمع المختلفة، بغض النظر عن الأغلبية البرلمانية. بدورها، قالت النائبة البرلمانية عن حزب الوفد، مارجريت عازر، إن أغلبية أعضاء البرلمان متفقين على البنود الأربعة الأولى من دستور 1971، وهو ما لا يُخل بمدنية الدولة، مشيرة إلى أن ما سيعاد مناقشته هو البنود التى تتطرق لاختصاصات رئيس الجمهورية والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. وأوضحت “عازر” أن الضغط على البرلمان من الآن مرفوض لأنه سيؤدى لنتيجة سلبية وسيتسبب فى انحرافه عن مساره أثناء وضع الدستور، وأضافت أن وثيقتي الأزهر والتحالف الديموقراطى بقيادة الإخوان هما أساس للدستور المصري المقبل. وتابعت “إذا حدث عكس ما هو متوقع، فإننى سأدعو لمقاطعة الاستفتاء عليه وللقيام بإضراب عام من أجل وضع دستور دولة لجميع أطيافها وليس دستور أغلبية”. من جهته، قال المتحدث الرسمى السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، كمال الهلباوى، إن الجمعية التأسيسية ليست عملا حزبيا لكنها عمل وطني مستقبلي يحتاج إلى أن لايكون على أساس الأغلبية، لأنها ستضع وثيقة تعبر عن مصلحة الوطن وليس فئة بعينها كثرت أم قلت. وأضاف الهلباوي، على هامش المؤتمر العام الأول لحزب الوسط، “ليس كل البرلمانين من الإسلاميين يحسنون اللغة العربية، كما أن بعض المحامين والقضاة لا يحسنون صياغتها، نحن نحتاج لإطار محترم في الصياغة، حتى لا نواجه في المستقبل القريب أغلبية أخرى تريد تغيير الدستور لذلك لا ينبغى أن نثق فيما ستضعه أغلبية ما، والمطلوب هو التوافق وليس الفرض”. أقباط: نتخوف من تعرضنا لظلم وعن مخاوف الأقباط، أبدى رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، نجيب جبرائيل، شعوره ب “غضب واستياء شديد” نتيجة سيطرة الإسلاميين ممثَّلين في حزبى الحرية والعدالة والنور على تشكيل الجمعية التأسيسية، متوقعاً أن يكون الدستور المقبل “أسوأ دستور مصري وأكثر الدساتير ظلما للأقباط”، على حد تعبيره. وكشف “جبرائيل” عن إرسال الكنيسة لخطاب رسمي للجنة تلقي طلبات عضوية الجمعية التأسيسية يحتوي على الأسماء التي رشحتها الكنيسة لعضوية الجمعية، ومن بينها نجيب جبرائيل، وشريف جورج، وأمير رمزى، وجورج وصفي وجورجيت قليني. ويرى النائب القبطي ممثل حزب الكرامة، أمين إسكندر، أن أفضل خطوة للحفاظ على مدنية الدولة هو النزول من جديد للشارع المصرى والاحتجاج فى شكل سلمي ضد سيطرة الإسلاميين على أمور الدولة بما فيها اللجنة التأسيسية لوضع الدستور وهو ما يهدد مدنيتها.