على رغم أن الانتخابات الرئاسية في مصر باتت قاب قوسين أو أدنى، إلا أن معركة وضع الدستور تتصدر المشهد السياسي، في ظل بوادر صدام جديد بين الإسلاميين والقوى الأخرى. ويعقد البرلمان بغرفتيه (مجلسي الشعب والشورى) اليوم اجتماعاً مشتركاً لانتخاب الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد. ويبدو أن مدى يسر المخاض سيعتمد أساساً على توجهات التيار الإسلامي، فإما أن يتمكن من الحصول على توافقات ترضي القوى الأخرى أو يفجر أزمة بهيمنته على اللجنة. وكانت الخلافات وصلت إلى ساحة القضاء بعد إقامة ناشطين سياسيين دعاوى أمام المحكمة الدستورية العليا لإبطال السيطرة البرلمانية على اللجنة، لمنع احتكار الإسلاميين صياغة الدستور. وكشف النائب وحيد عبدالمجيد الذي خاض الانتخابات على قوائم «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، حصول اتصالات بين القوى السياسية «لمحاولة تمثيل مختلف الاتجاهات داخل لجنة الدستور»، لكنه أقر بعدم ضمان حصول توافق في النهاية. وقال إن «الأزمة لن تنتهي. سيكون هناك قدر كبير من القبول لكن ستظل هناك أطراف معترضة». ورأى أن «المعضلة الأساس تكمن في شكل الدستور الذي ستضعه اللجنة، وإذا التزم الإخوان بما تعهدوا به في أوقات سابقة سيمر الأمر من دون معضلات جسام أما في حال حصول انقلابات سينفجر الوضع وسيزداد تعقيداً». وكان نحو مئة من المثقفين والناشطين السياسيين أقاموا دعاوى قضائية ضد كل من رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي ورئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني ورئيس مجلس الشورى أحمد فهمي، مطالبين بإلغاء قرار البرلمان الخاص باختيار الجمعية التأسيسية مناصفة من أعضاء البرلمان ومن خارجه. وأشارت الدعوى إلى أن اختيار مجلس الشعب أعضاء الجمعية التأسيسية من بين أعضائه «يُحدث نوعاً من انفراد سلطة واحدة من السلطات الثلاث التي تقوم عليها الدولة بعضوية هذه الجمعية التأسيسية من دون غيرها من باقي السلطات». وأضافت أن «هذا الانفراد يعدّ بمثابة خطر حقيقي في حال حلّ مجلسي الشعب والشورى، بسبب شبهة عدم دستورية قانون إنشائهما». وأكد نائب رئيس «الحرية والعدالة» رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان عصام العريان «حرص الإخوان على التوافق وأن تكون لجنة الدستور ممثلة لكل الأطياف الفكرية والسياسية والمجتمعية»، مشدداً على أن «مصر في حاجة إلى دستور توافقي». ورأى أن «الجميع يعلم أن الإشكالية ليست في وضع دستور جيد وإنما في تطبيق نصوصه، وهو ما يكون محل مراقبة من الشارع». وعن الانتقادات التي توجه إلى «الإخوان»، تساءل العريان: «ما البديل؟ هل يرغبون في لجنة من المعينين مثلما كان يحدث في العهد السابق؟». وانتقد القوى الليبرالية ورأى أنها «ليست لديها الثقة في نفسها ولا في الشعب المصري». وأوضح أن «من حق المعارضين أن يعتصموا أو يعرضوا احتجاجاتهم».