يفترشن الطرقات ويعرضن بضائعهن على المارة، ولم يمنعهن برد الشتاء أو حرارة الشمس عن البحث عن طلب الرزق، نساء أجبرتهن ظروفهن على ترك بيوتهن وتحمل أعباء الحياة، بضائعهن متشابهة ومنها ما كان من صنع أيديهن، فاستطعن بعد هذا العناء توفير عيشة كريمة لأبنائهن، وبناء منازل لهن من عرق جبينهن. تقول البائعة أم عائض: أفترش الطرقات منذ ما يقارب العشرين عاماً، فمنذ وفات زوجي لم يعد لدي أنا وأبنائي أي مصدر للدخل، ما دعاني للعمل، لتوفير لقمة العيش الكريمة لأبنائي، ولم أتعرض لأي إزعاج أو مشكلات، إلا من أصحاب المحلات الذين يتضجرون من وجودنا بالقرب منهم”. تزويج ثلاث بنات وتقول البائعة أم عبدالرحمن: استطعت بفضل الله تزويج ثلاثة من بناتي من رزق هذه البسطات، ولم يهتم أحد بتوفير مكان مناسب نبيع فيه طوال الخمسة عشر عاماً التي جلست فيها بهذا المكان، رغم أشعة الشمس التي أحرقت جلودنا وبرودة الشتاء التي أنهكت مفاصلنا، ومع ذلك لا نستطيع ترك باب رزقنا”. وتجلس في زاوية أخرى عائشة البالغة من العمر22 عاماً، التي لم يسعها إكمال دراستها، وتقول “كانت والدتي المسؤولة عن توفير الحياة الكريمة لعائلتنا، وقضت معظم وقتها لمدة سبعة عشر عاماً خلف هذه البسطات، وهي الآن طريحة الفراش لا تستطيع الحركة، فاضطررت لترك دراستي واستلام هذه البسطة بدلا عنها، كي أستطيع الصرف على إخوتي وتدبير مصاريف علاج والدتي المريضة”. عمارة من ثلاثة طوابق وارتفع صوت امرأة في الستين من عمرها، وقالت “إن هذا العمل شريف ولا نخجل منه إطلاقاً، فقد أجبرتنا الظروف على ترك أبنائنا لساعات طويلة رغبة في تأمين لقمة العيش، مبينة أنها تمتلك عمارة مكونة من ثلاثة طوابق من رزق هذه البسطة، التي يحتقرها أكثر المارة، وتضيف “الرزق موجود ويحتاج من يبحث عنه”. تخصيص أماكن من جهته، اعترض صاحب محل بيع الأقمشة ” أبو محمد” على وجود تلك البسطات أمام المحلات، معتبرا أنها تعرقل حركة المتسوقين وتتسبب في الكثير من المضايقات، وقال “لا نريد أن نقطع رزق أحد، بل نتمنى أن يوجدن في أماكن خاصة بهن، ومتناسبة مع طبيعة بضائعهن، مما يوفر لهن ظروفا أكثر كرامة وحياة أكثر استقرارا”. البسطات النسائية