قاومن الظروف، وتحدّين العواصف، لم يستسلمن لعوامل الزمن، بل صمدن، وحققن نجاحات، ربما تكون أقل مما يطلبن، ولكنها مغامرة تستحق التقدير، والاعجاب، تسلّحن بالعزيمة، والأمل، فمنهن أرامل، وأمهات أيتام، ويعلْن أسرًا وأطفالاً، دخلن سوق العمل، بآمال وطموحات كبيرة، تغنيهن عن السؤال. إنهن نساء مكاويات احتمين بجدران الاسواق، لعمل بسطات يبعن من خلالها ما تحتاجه النساء، مقابل ريالات تحميهمن من تقلّبات الزمن، متسلّحات ببعض ما يصرف لهن من الضمان الاجتماعي. تجارب مشرّفة، يطلقها نساء فاضلات بحثن عن الرزق واللقمة الحلال ، لمواجهة الحياة. تقول أم علي «مريم» «أرملة في الأربعين من عمرها:» تحوّلت إلى بائعة في بسطة بسوق العتيبية ، حتى اتمكن من إعالة اطفالي السبعة، وحتى أفي بمتطلبات دراستهم ومصاريف حياتهم، فليس لي مصدر دخل سوى الضمان الاجتماعي، وعلى الرغم من ذلك فإن ظروف الحياة تتطلب المزيد من أجل أطفالي، الذي لا يفي بمتطلبات الحياة الصعبة. وتضيف أم علي، وهي المسؤولة عن العاملات في البسطات: عملت في هذه المهنة على مدار 20 عاما، والتي بالكاد تغطي تكاليفنا. وعن الصعوبات التي تواجهها قالت: عدم وجود اماكن لتخزين بضائعنا هو اكثر المشاكل التي توجهنا يوميا. واضافت: نحن ولله الحمد لا نجد أي مصاعب في التواصل أو التعامل مع الزبائن، ولا أية مضايقات من قبلهن، وأوقات عملنا قصيرة في فترة واحدة تبدأ من الساعة الثالثة ظهراً إلى الحادية عشرة مساءً. وعن تعاون الجهات المعنية معهن، أفادت:هناك تعاون مستمر من قبل أمانة العاصمة المقدسة في استخراج التصاريح دون أية تكلفة مادية أو صعوبات، وشكرت لأمانة العاصمة تعاونها المثمر معهن، مشيرة إلى ان منتجاتهن كلها من الصناعة اليدوية والتي تلقى اقبالا من محبي التراث وكبار السن. *وتواجه العاملات في هذا المجال ظروف الحياة بكل ما بها، وهو ما تقوله عائشة، حيث توفى زوجها قبل 23 عاما وليس لديها ابناء، وتحصل على الضمان الاجتماعي. وتضيف: لجأت إلى تلك البسطة، حتى تساعدني في تسديد ايجار المنزل، ومواجهة ظروف الحياة، امارس هذا العمل منذ 30 عاماً، ويتفاوت دخلي اليوم من 100 إلى 150 ريالا. وتضيف: لو كان لنا مكان خاص بسوق البسّاطة، سيكون الوضع افضل، مشيرة إلى ان الموديلات الحديثة، هي المنافس لنا في هذا المجال. «أم خالد»،» وأم منى» تزاولان هذا العمل منذ 14 عاما، وتتمنيان ان تكون لهما أكشاك تساعدهن في تخزين ما لديهن من بضائع بدلا من الجلوس امام الباسطة. وأشارتا إلى ان تعامل الزبائهن معهن طيب، والكثيرات من النساء يشترين من البضائع التي يعرضنها على البسطة. *أعمار محددة وكما أكدت البائعات من ان بضائعهن لا يقبل عليها سوى محبي التراث، وكبار السن، أكدت «شوق» وهي فتاة شابة، ان المعروض ربما لا يتناسب واعمار الشابات، لذا فإن تلك المنتجات تخاطب فئة عمرية محددة. وتضيف: هن لا يوفرن سوى المستلزمات الخاصة بكبار السن والتراثية، وليست المستلزمات العصرية. ووافقت «جواهر» شوق» في الرأي قائلة: لأن البضائع لديهن لا تواكب الموضة الحديثة ولا أذواقنا الشبابية، وأغلب ما يبعنه بضاعة من الطراز القديم. وأضافت «ابتسام» : إن ما يتواجد لديهن يخدم فئة كبار السن، وأن أمهاتنا فقط هن من يطلبن مثل هذا النوع من البضائع، أما نحن فنبحث عن كل ماهو جديد وحديث. وهناك من خالفهن الرأي من الفتيات، حيث تقول»خلود» 25 سنة: تعجبني أنواع أقمشتهن والأكسسوارات التي تمتلك طابع التراث القديم، ولديهن أشياء قديمة جميلة، وأيضاً من باب الإنسانية والدعم لهن. وأضافت «ايناس» أنها لا ترى ضرورة للشراء منهن، فكل ما هو لديهن لكبار السن لا يتناسب مع ميولها. وتقول «ف. س» : إن لديهن أشياء نحتاجها مهما كبرنا ونحتاج الرجوع للشراء من القديم، وأفضل مايبعنه شراشف الصلاة والسجاد المتميزة بنقشاته الفريدة. *تعاون البلدية من جانبه أوضح الناطق الإعلامي لوكالة الخدمات بأمانة العاصمة المقدسة «سهل مليباري» أن البلدية تتعاون مع هذه الفئة من السيدات السعوديات بشكل كبير وملحوظ، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من العاملات على هذه البسطات كبيرات في السن، لذلك لا تترد البلدية في تقديم التسهيلات المختلفة من خلال عدم التعرض لهن، نظراً لظروفهن الاجتماعية الصعبة. أسواق نسائية وأشار إلى أن قرار مجلس الوزراء بشأن تنظيم الوظائف النسائية سيفتح المجال أمام هؤلاء النساء للعمل في إطار تنظيمي مقنن من خلال مراكز تسويق نسائية تحقق لهن خصوصية محددة، لافتاً إلى أن هذه الأسواق المزمع افتتاحها سيتولى استثمارها وإنشاءها رجال الأعمال في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأبان أن هذه الأسواق سيكون التسوق فيها مقتصراً على النساء فقط دون الرجال، وستتاح لهذه الفئة عرض منتجاتهن من خلال بسطات خاصة بهن بعيداً عن الأسواق العامة التي يفترشن فيها بسطاتهن حالياً.