عندما يتم التطرق لنظام «ساهر» فلا شك أننا نتحدث عن قضية أرقت المواطنين عامة ونخبا، وحركت أقلام كتاب الصحافة والعلماء والدعاة وغيرهم لانتقاد آلية تطبيق ذلك النظام والتي وصفها أغلبية الناس بغير المنصفة، وذلك لتركيزها بالمقام الأول على الجانب المادي أكثر من تلك الأمور المتعلقة بالسلامة، واستشهدوا على ذلك بمضاعفة المخالفات وأماكن وجود مركبات ساهر وتركيزها على السرعات المنخفضة في الطرق والشوارع الفرعية وبالقرب من بوابات الجامعات وخلافه، إضافة الى تمركز أجهزة ومركبات رصد المخالفات في أماكن مفاجئة للسائق، كأن تكون خلف الأشجار أو في إنحناءات الطرق مما يتسبب في إرباك السائق ومن خلفه في المركبات الأخرى بسبب التوقف المفاجئ وذلك بسبب عدم وجود أي تحذير أو لوحات إرشادية تفيد بأن هذا الطريق مراقب بالرادار كما كان معمولاً به في السابق، أو كما هو مطبق بأغلبية دول العالم. وعلى النقيض تجد أن هنالك من يرى أهمية وجود ذلك النظام وأنه أسهم بشكل كبير في الحد من الحوادث المرورية بحسب إحصائيات إدارة المرور أو من يمثلها، وبزيادة وعي قائدي المركبات على ضرورة الالتزام بالسرعات المحددة والتوقف بشكل نظامي عند الإشارات المرورية، إضافة إلى مساهمته في القبض على بعض المطلوبين أمنيا وغيرها من الأمور التى يرى بعض المؤيدين لذلك النظام أهميتها. ذلك المد والجزر، والتأجيج والتأييد شكل ترسبات عند المواطن البسيط الذي قد لا يصل أجره اليومي إلى نصف قيمة تلك المخالفة أو ذلك العاطل الذي أصبح عالةً على أهله وعلى المجتمع، أو ذلك الطالب الذي أرهقته قيمة الكتب والملازم الدراسية وغيرهم، مما أدى إلى تكوين شعور سلبي لدى تلك الشريحة من المجتمع بخصوص هذه المسألة، مما حولها إلى قضية تسببت في إرهاصات فكرية بضرورة وقف تطبيق ذلك النظام بأي طريقة متاحة لديهم، والتي نتج عنها حرق وإتلاف العديد من تلك المركبات والأجهزة، وأيضا التفنن في تغطية أرقام اللوحات أو نزعها، ولم يتوقف الأمر على ذلك بل وصل إلى ما هو أعظم وهو القتل. فيما سبق استعرضت موجزا لبعض الأحداث التي صاحبت تطبيق نظام ساهر منذ بدايتة حتى الان، أعلم أن موضوعا كهذا أشبع طرقا وسحبا، وتأويلًا وتحليلاً، ولكن بماذا خرجنا في النهاية؟ إما بالمطالبة بإزالة هذا النظام أو بالإبقاء عليه. بحسب ما هو متداول فإن الدخل اليومي لنظام ساهر (على الأقل) يتجاوز المليون ريال، وذلك قبل توسعته وامتداد رقعته لتشمل مناطق أخرى من المملكة، ولكن السؤال لماذا لا يشرك المواطن في المساهمة في مثل تلك المشروعات؟ أي لماذا لا يتم توزيع جزء ثابت من الأرباح على المواطن للمساهمة في زيادة دخله الشهري بدلا من طحن ذلك المسكين تارة من قبل البنوك وتارة من قبل التجار وتارة من قبل العقاريين والمرور وشركات الاتصالات وغيرها مما يقود في النهاية إلى تراكم الضغوط والاحتقان وبالتالي الوقوف ضد أي مشروع يمس جيب ذلك المواطن حتى ولو كان في مصلحتة؟ ولكن ماذا لو تم توزيع أرباح شهرية من مدخولات ساهر على المواطنين؟ خاصة وأن نظام ساهر قد غطى رسوم تأسيسه وتنفيذه خلال السنوات الماضية بكل (جدارة)، أي مقابل مبلغ ثابت يدفع (سنويا)، على سبيل المثال (ألف ريال شهريا يدفع من قبل أي مواطن سواء أكان طفلاً أو مراهقا أو بالغاً رجلا كان أو امرأة وعلى إثر ذلك المبلغ يتم تخصيص مبلغ ثابت (شهرياً) لأولئك المساهمين على سبيل المثال ألفي ريال شهريا، على فرض أن عدد المواطنين السعوديين قرابة العشرين مليون مواطن أو يزيدون، إضافة إلى نسبة التحصيل أو الربح السنوي لذلك النظام، مع إلغاء برنامج (حافز) وتحويل ميزانيتة إلى الحسبة أعلاه، وأضف عليها المبالغ التي تصرف سنويا على الضمان الاجتماعي، فلو تم تطبيق ذلك لضمنا دخلا شهريا ثابتا لكل من يحمل الجنسية السعودية من دون إضافة عبء على ميزانية الدولة أي مجرد تنظيم مالي للميزانيات المصروفة، وبذلك نكون أمنا دخلا ثابتا للفقير يكفيه ذل السؤال ويدرأ عنه الفاقة فمن يملك من الأبناء عشرة إضافة الى زوجتة يدفع على سبيل المثال اثني عشر ألف ريال سنويا أي بمعدل ألف ريال عن كل فرد من أفراد عائلته وبذلك يضمن مبلغ أربعة وعشرين ألف ريال شهريا ومن لا يملك ذلك المبلغ أو غيره يسجل ويخصم من أحد الدفعات اللاحقة وبذلك يستطيع الاعتماد على نفسه في تأمين الرسوم السنوية القادمة. وأيضا ذلك يساعد في تأمين دخل ثابت لكبار السن ولربات البيوت اللاتي يقضين جل وقتهن في تربية الأولاد وتنشئة شباب المستقبل، وأيضا سيكون ذلك مصدر رزق للعاطلين لحثهم على العمل بلا شروط أو قيود وكذلك طلاب الجامعة لتقليل مصاريف الدراسة ولزيادة الرفاهية للمواطنين بصفة عامة لتطبيق مبدأ التكاملية بين الدولة والمواطن. ما ذكرته أعلاه لا يقتصر على نظام ساهر وحده بل يجب ان يتم تطبيقه على أي نظام خدمي مستقبلي كالقطارات (المترو) وغيرها، وبنفس الطريقة السابقة، وبذلك يزداد وعي المواطن بضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة لأنه يعلم في النهاية أن ذلك المشروع وضع لمصلحته وساهم فيه بماله وأنه أصبح مصدرا لزيادة دخلة الشهري. وبعد ذلك كله، ألن يصبح (ساهر) أو غيره من المشروعات (حافزاً) ومطلباً وطنياً؟