عبر أستاذ التاريخ في جامعة برينستون، المحرر في مجلة «ذا نيو ريبلبك» الأمريكية، ديفيد أيه بيل، الإثنين الماضي، في مقال له نشرته المجلة، عن رأيه في اختفاء الموسوعات الورقية، وتحولها لرقمية، وتحدث عما سيفقده القارئ مع زوالها. وقال «مع اقتراب المستقبل غير الورقي، انتقلت أنواع معينة من المنشورات إلى العالم الرقمي أسرع من غيرها. ولايزال معظمنا يفضل الأوراق عند قراءة الروايات على الشواطئ في فصل الصيف على سبيل المثال. أو عند الاطلاع على مجلداتنا العزيزة في مكتباتنا الشخصية. وفي الطرف الآخر تحولت المجلات العلمية، إلى مجلات علمية رقمية منذ أعوام مضت، وبفضل نظام تحديد الموقع العالمي، ذهبت الأطالس والخرائط في الاتجاه نفسه. وشهد الأسبوع الماضي علامة فارقة أخرى في ذلك المجال، وهي جنازة رمزية للموسوعات الورقية مع إعلان الموسوعة البريطانية التوقف عن نشر المطبوعات الورقية منها». وقال الكاتب إنه ستصبح الموسوعات مع ذلك التحول جنباً إلى جنب مع أعمال مرجعية أخرى، مرشحة للانضمام للعالم الرقمي أيضاً. فالموسوعات الورقية ثقيلة، وكبيرة وباهظة الثمن (بسعر ألف و395 دولارا لآخر نسخة من الموسوعة البريطانية)، وأصبحت الآن سهلة الوصول والتصفح مثل نظيراتها الرقمية. ولم يكن من السهل تحديثها بسهولة، ولكنها أصبحت محدودة كثيراً في الحجم، فقد احتوت الموسوعة البريطانية في 2002 على 65 ألف مقال، و44 مليون كلمة. وتحتوي ويكيبيديا حالياً على أربعة ملايين مقال، وأكثر من ملياري كلمة. ولكن مع اختفاء الموسوعات الورقية، اختفى جزء من التراث الفكري الغربي أيضاً. وذكر الكاتب أنه بذلك لا يتكلم عن فكرة مرجع موضوعي وهادف ودقيق. فلا يوجد سبب لعدم تكرار ذلك في النسخة الرقمية، فحتى ويكيبيديا، وبالرغم من أن هواتها وكتابها متطوعون، فقد ظهرت كأداة مرجعية مهمة ودقيقة، كما حازت على ثناء مميز من رئيس الجمعية التاريخية الأمريكية وليام كرونين الشهر الماضي. ولكن الموسوعات الورقية السابقة كان لديها طموح أعظم وأكبر، فكانت تطمح لتقديم نظرة عامة للمعرفة الإنسانية كاملة. كما تضع تلك المعرفة بكل جرأة في نظام متماسك ومنطقي. حتى وإن نظمت مقالاتها أبجدياً، فقد سعى العاملون عليها إلى طرق لربط المواد معاً على حسب موضوعاتها. وبالنسبة للموسوعات الشبكية، توجد نقطتا بيع رئيسيتان، وهي الشمولية والحداثة. وحتى مع وجود مشروع يطمح إلى معايير علمية دقيقة، فإن الحجم سيحد من ذلك، مع متطلبات كادر تحريري ضخم ليقوم بالمراجعة غير المنتهية، ومن المستحيل تخيل مشروع يستطيع دفع رواتب جيش من الموظفين ليقوموا بتلك المهمة.