إذ تسعي دول مجلس التعاون الخليجي بخطى حثيثة إلى تنفيذ خطط التنويع الاقتصادي والنمو المستدام، تكتسب الحاجة إلى رقمنة قطاع نقل البضائع والخدمات اللوجستية أهمية متزايدة مع انقضاء الزمن. وفي الوقت الحاضر، يعتبر قطاع النقل والخدمات اللوجستية في دول مجلس التعاون الخليجي، هو أحد المحركات الرئيسية للنشاط الاقتصادي في المنطقة، حيث كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية الرائدة ستراتيجي& ميدل إيست (بوز أن كومباني سابقًا)، وهي جزء من شبكة PwC أن إيرادات الشحن في المنطقة نمت بوتيرة ثابتة قدرها 10 بالمائة من عام 2010 إلى 2014، ولكن منذ ذلك الحين، شهدت انخفاضًا بنسبة 5 بالمائة سنويًا بسبب تراجع أسعار النفط، مما أدى إلى انخفاض الواردات، وقيام الشركات بتقليص نطاق المشاريع، وشروع الحكومات في تقليل الإنفاق على البنية التحتية للشحن. يتأخر قطاع النقل والخدمات اللوجستية في المنطقة بشكل كبير عن نظرائه في الأسواق المتقدمة من حيث استخدام التقنيات الناشئة أو الاستثمار في الحلول الرقمية الجديدة. وذلك بالإضافة إلى معضلة شركات النقل والخدمات اللوجستية الإقليمية التي تتمثل في التدفق المستمر للتقنيات الجديدة التي قد تكون مربكة إذا لم يُفهم جيدًا توقيت تطبيقها والغرض منها. وتعليقًا على هذا التحدي الذي تواجهه شركات النقل والخدمات اللوجستية، أفاد الدكتور أولريش كوجلر، الذي يشغل منصب الشريك في ستراتيجي& ميدل إيست،: "بدلاً من الاختيار من بين مجموعة متغيرة باستمرار من التقنيات المتاحة، يتعين على قادة قطاع النقل والخدمات اللوجستية تحديد أهداف أعمالهم أولاً، ثم تحديد تطبيق التقنيات الصحيح اللازم لتحقيق تلك الأهداف". تقدم الحلول الرقمية فائدتين رئيسيتين لشركات النقل والخدمات اللوجستية. أولاهما زيادة الكفاءة التشغيلية، وثانيهما تمكين إعادة تصميم نماذج الأعمال. وأضاف جيان سلامات، الذي يشغل منصب مدير أول في ستراتيجي& ميدل إيست،: "بمقدور الحلول الرقمية أن تزيد من الكفاءة التشغيلية لشركات النقل والخدمات اللوجستية عن طريق خفض التكاليف التشغيلية من 10 إلى 30 بالمائة، وتقليل الأعطال والمخاطر التشغيلية بنسبة 75 بالمائة. وهذا أمر بالغ الأهمية في وقت يواجه فيه القطاع ضغوطًا ماليةً وانخفاض في أحجام الشحن. كما يتيح تطبيق الحلول الرقمية الجديدة للشركات إعادة تصميم نماذج أعمالها الحالية بشكل جذري لتعزيز تجربة العملاء، وكذلك خلق طرق جديدة لبناء القيمة ونمو الإيرادات". يُسلط تقرير ستراتيجي& ميدل إيست الضوء على التقنيات التسعة الأساسية التي يمكن أن تعتمدها شركات النقل والخدمات اللوجستية في دول مجلس التعاون الخليجي والمجالات التي يمكن أن تدعمها هذه التقنيات. وهي تشمل: 1- تحليلات البيانات الضخمة – تحويل السلع المادية إلى إدارة المعلومات والسلع 2- إنترنت الأشياء – تسهيل تبادل المعلومات آنيًا لدعم عملية اتخاذ القرار وتحسين العمليات التشغيلية 3- التنقل حسب الطلب – دعم الحصول على البيانات آنيًا بشكل آمن وموثوق في أيدي أولئك الذين يحتاجون إليها 4- أتمتة الروبوتات – أتمتة عمليات الشحن والتفريغ كليًا 5- الطائرات بدون طيار – حلول التسليم الفوري 6- الطباعة ثلاثية الأبعاد – حلول التصنيع في الموقع كمفاهيم جديدة للتسليم أو لتحسين عمليات الصيانة 7- بلوك تشين – انتفاء الحاجة إلى الموزعين أو الوسطاء الآخرين 8- الحوسبة السحابية – توفير بنية تحتية لتقنية معلومات تتسم بالمرونة وقابلية التوسع والطابع السلعي 9- الواقع المعزز – تبسيط وتعزيز فعالية العمليات وأفاد كميل طحان، الذي يشغل منصب مدير أول في ستراتيجي& ميدل إيست،: "مع تطبيق التقنيات الرقمية، سيكون لدى شركات النقل والخدمات اللوجستية آلية عمل جديدة كليًا. ولذا، من المهم بالنسبة للشركات أن تقوم بتنظيم منهجها، والنظر في إطار عمل تعتمده بغض النظر عن التقنية التي ستعطيها الأولوية". وقبل الشروع في عملية التحول الرقمي، يجب أن تحدد شركات النقل والخدمات اللوجستية أولاً استراتيجية أعمالها الرقمية و / أو إعادة التفكير في نموذج أعمالها. وبعد ذلك، عليها التفكير في الحلول الرقمية التي من شأنها تعزيز تفاعلها مع عملائها. ثم ستحتاج إلى اختيار التقنية على أساس دورها ضمن منظومة عملها. كما تحتاج هذه الشركات إلى الاستثمار في رفع مستوى مهاراتها الرقمية خاصة في مجال أمن الإنترنت واستخراج البيانات. وأخيرًا، ستحتاج الشركات إلى إعادة هندسة إجراءات عملها وعملياتها التشغيلية للاستفادة من الأدوات الرقمية الجديدة. تتسبب الرقمنة في تعطيل القطاعات المختلفة بشكل متسارع، وتستفيد شركات النقل والخدمات اللوجستية في الأسواق الأخرى بالفعل من هذا الاتجاه. ولذا، من الحتمي أن تبدأ شركات النقل والخدمات اللوجستية في دول مجلس التعاون الخليجي في تبنّي استخدام التقنيات الرقمية لمساندة وتحفيز الطموحات الاقتصادية للمنطقة.