لندن – فهد بن حجيلان الخمعلي الاتحاد التكاملي سيجعل دول الخليج قوة ذات وزن وتأثير سياسي واقتصادي دعوة خادم الحرمين الشريفين وجدت أصداء واسعة عربيا وإسلاميا وغربيا يُخشَى أن تنعكس حالة عدم الاستقرار في دول الجوار الإقليمي على الأوضاع الداخلية لدول المجلس لا ازدهار اقتصاديا بدون استقرار أمني وسياسي.. والتكامل الاقتصادي لن يكفي لتحقيق الاستقرار بعد أيام قليلة ستلتئم الهيئة المسؤولة عن وضع أسس تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد بين دوله، بحسب ما تقرَّر في ختام القمة ال 32 لدول مجلس التعاون التي انعقدت في الرياض في ديسمبر المنصرم، التي قدم فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود -حفظه الله- مقترحه التاريخي بالانتقال من حالة التعاون والتنسيق إلى وضعية الاتحاد التكاملي بين دول المجلس، وهو المقترح الذي قرر قادة دول مجلس التعاون الموافقة عليه بالإجماع، واتفق المجتمعون على تشكيل هيئة متخصصة بواقع ثلاثة أعضاء عن كل دولة توكل إليها دراسة المقترحات من جميع جوانبها، على ضوء الآراء التي تم تبادلها بين القادة، على أن تقوم الدول الأعضاء بتسمية ممثليها في موعد أقصاه الأول من فبراير، وتقدم الهيئة تقريرا أوليا في مارس إلى المجلس الوزاري في دورته الأولى لعام 2012 لرفعها إلى قادة مجلس التعاون، على أن ترفع الهيئة توصياتها النهائية إلى اللقاء التشاوري ال 14 للقادة. هذه الدعوة يجب ألا تنسينا بشارات أخرى صدرت عن القمة جاءت في «إعلان الرياض» الذي أتى يحمل بين طياته حزمة من القرارات والتوصيات المهمة، في مقدمتها تسريع مسيرة التطوير والإصلاح الشامل، والحفاظ على الأمن والاستقرار، وتماسك النسيج الوطني والرفاهية الاجتماعية، وتحصين الجبهة الداخلية، وترسيخ الوحدة الوطنية، والتصدي للمحاولات الخارجية وتطوير التعاون الدفاعي والأمني. لا شك أن مرحلة عربية جديدة في صدد التشكل قد يقرؤها البعض في توجه دول الخليج إلى الاتحاد بهذا الإعلان التاريخي، فقد جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال اجتماعات الدورة ال 32 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض، للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، لتدشن بداية مرحلة تاريخية مهمة في مسيرة العمل المشترك بين دول المجلس. مبررات التحول إلى اتحاد جاءت هذه المبادرة التاريخية كتلبية تلقائية للأمر الرباني (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، فالناظر إلى طبيعة الأحوال التاريخية والجغرافية للمنطقة (من منظورها الإستراتيجي جيوبولوتيكي أو ديموجرافي) يجد أن أواصر التوحد والتعاضد فيما بينها تشد وبقوة في اتجاه الوحدة الكلية (عرقيا، ثقافيا، دينيا، اقتصاديا، ...إلخ)، بالإضافة إلى هذه المكونات التاريخية هناك العناصر الظرفية، فدول المنطقة مجتمعة تواجه مخاطر متعددة الأشكال والمصادر، فمثلا قضية الإرهاب التي أمسى لها أبعاد دولية تتجاوز الحدود الإقليمية لهذه الدول، وكذلك حالة عدم الاستقرار في دول الجوار الإقليمي التي يُخشى أن تنعكس على الأوضاع الداخلية لدول المجلس، وكذلك شبح التهديد الإستراتيجي الذي حل بالمنطقة بدخولها حالة من التسابق النووي غير المسبوق ولا المسؤول -باعتبار أنه ليس من أولوليات شعوب هذه المنطقة-، أيضا هنالك تأثير التدخلات الخارجية السافرة في الشؤون الداخلية لدول المجلس من قبل بعض دول الجوار الإقليمي، ومحاولات توظيف الورقة الطائفية التي تهدد وحدة وتماسك المجتمع والدولة والنسيج القومي فيها، كما أن هناك التهديدات الماثلة لمصادر الطاقة ووسائل تسويقها متمثلة بتهديدات أطلقتها دولة إقليمية حول النوايا بإغلاق مضيق هرمز والتدخل في حرية الملاحة الدولية أو في تهديدات الجماعات الإرهابية بتدمير المنشآت النفطية، بجانب تهديدات مجموعات القرصنة الدولية لسلامة الملاحة البحرية في المنطقة، هذه وغيرها من صيغ التهديدات الأمنية والعسكرية التي تشكل عاملا أساسياً يساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي. ما يود خادم الحرمين الشريفين أن يقوله من خلال مقترحه الهادف إلى التحول من التعاون إلى الاتحاد، إن التكامل الاقتصادي بمفرده لن يكفي في ضمان الأمن والاستقرار ضمن دول المنظومة الخليجية، وأنه لا ازدهار اقتصادي بدون استقرار أمني وسياسي، إذن فلابد من بناء أنموذج جلي لتطوير بنيات هيكلية فعالة لحماية الأمن الجماعي لدول المنظومة. إن للقيادة دورا تاريخيا ولها مسؤولية عظيمة في أن تأخذ بيد شعوبها وأمتها إلى طريق التقدم ومسيرة النماء والتطور حتي ترفع من شأنها وتلحق بمصاف الأمم وركب الحضارة، فتضع أقدامها على أعتاب المستقبل وتساهم بذلك ببناء ما فيه خير الإنسانية جمعاء، إذن فالقيادة ليست وظيفة يتقلدها المرء بحكم الطبيعة ومصائر الأمور، بل هي دور مطلوب ومرجو من كل من هو فيه أن يكون على قدر الثقة والتحدي، ولعل تلك كانت هي من أبرز المحفزات التي جعلت خادم الحرمين الشريفين يتقدم بهذا المشروع العملاق وهو يستنهض عزائم الرجال من حوله ويحثهم إلى طريق المجد والسؤدد يستلهم حكمة أجداده من أهل الرأي: تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقنا تكسرت أحادا، وقبل ذلك نقول «يد الله مع الجماعة» و»إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» كما تعلمنا السنة النبوية الشريفة، وأن الدعوة إلى رصّ الصفوف تتطلب توحيد الأمة وحشد طاقاتها. دعوة الاتحاد تجد أصداء واسعة في العالم وجدت الدعوة الحكيمة للاتحاد، أصداء واسعة في العالمين (العربي-الإسلامي والغربي) على المستويين الرسمي والشعبي، وتناقلت وسائط الاتصال ودوريات النشر الخبر لما يمثله من ثقل تجلى في جلال «الدعوة « و»الداعي لها» و»المدعوين إليها» بكل ما يمثلونه من آمال وطموحات لشعوب وأمة ظلت تترقب أنوار الفجر وبيارق الأمل وثابة نحو المجد، فجاء في البيان الختامي (وإذ يواكبون تطلعات شعوبهم نحو تسريع وتيرة العمل المشترك وترسيخ مفهوم الهوية العريبة والإسلامية لدول مجلس التعاون وتحقيق المزيد من الترابط والوحدة والمنعة والرفاهة، وإذ يعلنون تصميمهم على تعزيز وتوثيق دور مواطني دول المجلس في سبيل تحقيق مستقبل مشرق يلبي طموحات الأجيال الصاعدة وينمي طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية) وذلك عبر (تبني مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد لتشكل دول المجلس كيانا واحدا يحقق الخير ويدفع الشر استجابة لتطلعات مواطني دول المجلس ومواجهة التحديات التي تواجهها) كما جاء في نص البيان. وعلى الفور جاءت ردة الفعل الشعبية متجاوبة مع الدعوة التاريخية فكان تفاعل الشارع العربي الخليجي وغير الخليجي بما يشبه الانبهار لهذه اللحظة غير المسبوقة في تاريخ المنطقة، حيث نقلت صحيفة عكاظ عن شيخة الجفيري «أول برلمانية منتخبة في المجلس البلدي القطري» (الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين بالانتقال من التعاون إلى مرحلة الاتحاد، مقترح إستراتيجي، لافتة إلى أن منظومة مجلس التعاون حققت نجاحا كبيرا في السنوات الماضية)، إلى ذلك علق البرلماني الكويتي د.عادل المهيد على الدعوة بقوله (ستسهم في تفعيل دور مجلس التعاون الخليجي ودوله الأعضاء في السياسة الدولية مشيرا إلى ضرورة مد جسور التعاون على أعلى المستويات وفي شتى المجالات لتحقيق هذه الدعوة الحكيمة). إلى ذلك، ذكرت د.بهية حبشي نائب رئيس مجلس الشوري البحريني (إن إنشاء الاتحاد الخليجي حلم غال يراودنا جميعا، متمنية أن يتحقق على أرض الواقع بصورة مؤسساتية على أكمل وجه)، كما أضافت د. سميرة أمين عضو مجلس الشورى في سلطنة عمان (أن الدعوة تأتي تتويجا للخطوات والجهود التي بذلت في العمل الخليجي المشترك للوصول لصيغة الاتحاد)، وفي مصر قال د. حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات سابقاً لصحيفة الوطن (إنها دعوة في غاية الأهمية لأنها تعد نوعا من أنواع التطوير والنهوض للأمام والتقدم والتعاون الخليجي)، أما السفير جمال بيومي رئيس برنامج دعم المشاركة العربية الأوروبية، فيقول (إن هذه مبادرة جيدة ويجب تشجيعها، وننتظر ذلك من الإخوة العرب خاصة إذا كان جزء من العالم العربي يستطيع أن يخطو مثل هذه الخطوات المهمة فلابد وأن يكون قادراً على ذلك). لا يجب أن نغفل أنه عندما انطلقت دعوة مجلس التعاون الخليجي قبل ثلاثين عاما ونيف سمعنا من يهمهم من بعض ضعاف النفوس، ويتساءل، وهل بهم طاقة إلى مثل هذا الطموح المارد؟؟ كان آباؤنا يستلهمون صفي الدين الحلي: لما سعينا، فما رقت عزائمنا عما نروم، ولا خابت مساعينا عزائم كالنجوم الشهب ثاقبة ما زال يُحرقُ منهن الشياطين لا يظهر العجز منا دون نيل مني، ولو رأينا المناينا في أمانينا فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم كما يقول أبي الطيب أيضا، إن حقيقة الدعوة إلى الاتحاد يجب النظر إليها باعتبارها طموحا شعبيا، بدأت عجلاته تدور على القضبان كما بشر بها خادم الحرمين، آثارا إيجابية بالتجارة مع العالم الخارجي، وزيادة الدخل القومي والاستثمار الأفضل، وكذلك على العملات تكون أقوى من قبل الوحدة، والتنسيق بين الدول وبعضها لتحقيق مصالح مشتركة خاصة في مجالات الثروة المعدنية والبترول والغاز والأنشطة الأخرى، بحيث يكون هناك تكامل اقتصادي حقيقي بالإضافة إلى حرية انتقال الأيدي العاملة ورأس المال والسلع والخدمات داخل دولة الوحدة دون أية معوقات جمركية أو إدارية. قبل مئات السنين وإمضاء لحلم ظلت الصحراء تتنفس عظامه منذ أن خبأ بريق الأمة على سنابك التتار الذين اجتاحوا بغداد في القرن الثالث عشر الميلادي، جدد الآباء المؤسسون في تحالف الدرعية الأمل بإعادة مجد العرب التليد إلى الحياة مرة أخرى إلا أنهم واستلهاما لحكمة الإمام علي كرم الله وجهه فقد أخذوا العبرة من التاريخ (ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار)، فتقرر أن يكون المسير إلى وحدة الأمة بالدعوة عن طريق الحكمة والموعظة الحسنة، لأن الإقناع والتراضي هو أدوم وأفعل في الحق وتكون نتيجته الثبات على المبدأ حتي عند حد السيف، ولعل المملكة العربية السعودية وملكها عندما يتقدمون بهذه المبادرة فهم قد ضربوا المثل الأتم على بناء دولة تحت رايات العقيدة الصحيحة مصحوبة ومسلحة بضرورات العصر من علم وتكنولوجيا تشمل تحديث كل مناحي الحياة، فالبيان العملي الذي يحدث عن نفسه في التوحد المثمر لضرورات الحياة ومقاصد الدين وكما يقول الفرنجة (Charity begins Home) عمل الخير يبدأ من بيتك، والقدوة الحسنة أفضل أنموذج للشرح. لقد أصبحت المملكة بفضل الله وجهود أبنائها تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين ليست فقط قبلة العالمين ومأوى الأفئدة كما كانت في كل عصر بل أيضا بلادا جاذبة في كل النواحي لرجال الأعمال والمستثمرين وصغار العمال وأصحاب الخبرات والدارسين والمتعلمين وكل منافذ الحياة وأصحاب التخصصات النادرة تشرئب أعناقهم للعمل في المملكة أو التواصل معها، وذلك من فضل الله علينا وبجهد قيادتنا حفظها الله. الاتحاد التكاملي سيحول دول التعاون لقوة لقد كانت مسيرة التعاون الاقتصادي والإنمائي بين دول المجلس في الأعوام الثلاثين الماضية ممتلئة بالإيجابيات، وإن لم تخلُ من بعض أوجه القصور والسلبيات، فعلى المستوى الداخلي، وجدت دول الخليج بعد ثلاثين عاماً على إنشاء المجلس أنها لم تحقق جميع تطلعاتها في تحقق التكامل الاقتصادي الشامل، وإذا كانت بدأت خطوات نحو الاتحاد الاقتصادي من تنفيذ مشروع منطقة التجارة الحرة عام 1983 التي بموجبها ألغيت جميع الرسوم الجمركية بين دول المجلس على البضائع ذات المنشأ الوطني، ثم بدأت المرحلة الثانية من التكامل الاقتصادي الخليجي عام 1999 بإنشاء الاتحاد الجمركي الذي تم تطبيقه فعليا اعتبارا من مطلع 2003م. وبعدها اتجهت دول المجلس إلى انتهاج خطوات نحو إقامة السوق الخليجية المشتركة، من أبرزها ضمان حرية التنقل والإقامة لمواطني دول المجلس، ومنحهم معاملة متساوية في الدول الأعضاء، وحرية حركة رؤوس الأموال بالإضافة إلى حرية التملك والاستثمار. كل ذلك كان له مردود إيجابي في ارتفاع حركة التجارة البينية بين دول المجلس الست مما ضاعف الأرباح المادية ووسع دائرة المستفيدين في القطاع العام والخاص ما منحه ديناميكية ومرونة غير مسبوقة. إلا أن كل هذه الخطوات لا يمكن الاعتماد عليها في إقامة اتحاد اقتصادي أو حتى سياسي بين مكونات المجلس، فإنه يتوجب الإسراع بعملية التكامل الاقتصادي التي من شأنها أن توجد أساس راسخ لأي جهود تكاملية أخرى بل إنها ستجعل من دول مجلس التعاون قوة ذات وزن وتأثير سياسي واقتصادي في طريقها نحو الوحدة الشاملة (سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا). إن تلك الآثارالإيجابية التي تراكمت من الفترة الماضية لدول مجلس التعاون من الناحية الاقتصادية لهي واضحة جلية تتمثل في توسع فرص الانفتاح بالتجارة مع العالم الخارجي وارتفاع معدلات الدخل القومي وزيادة فرص الاستثمار الداخلي والخارجي والبيني على نطاق أفضل، مما انعكس على العملات التي حافظت على سعر صرفها حتي في أشد الفترات صعوبة (الحروب والكوارث الطبيعية) أوقات الشدة، كل هذه المؤشرات تمت في فترة تعاون وتنسيق فماذا سيحدث لو تمت الوحدة الاندماجية لهذه الاقتصاديات الناشطة والمتوسعة؟ بلا شك النتيجة تكون أقوى من قبل الوحدة والتنسيق بين الدول وبعضها سيؤدي إلى تحقيق مصالح مشتركة خاصة في مجالات الثروة المعدنية والبترول والغاز والأنشطة الأخرى بحيث يكون هناك تكامل اقتصادي حقيقي بالإضافة إلى حرية انتقال الأيدي العاملة ورأس المال والسلع والخدمات داخل دولة الوحدة دون أية معوقات جمركية أو إدارية. كما أسلفنا القول فإن نهاية الشهر الجاري وبمطلع فبراير تكون الصورة قد اتضحت في تكوين الإطار المؤسسي «للاتحاد» من تشكيل الهيئة المتخصصة المشتركة، التي أشار إليها «إعلان الرياض» الصادر عن القمة، التي تضم أعضاء من دول مجلس التعاون الست بواقع ثلاثة أعضاء لكل دولة، بحيث تقوم كل دولة من الأعضاء بتسمية ممثليها في موعد أقصاه الأول من فبراير 2012، وتقدم الهيئة تقريرا أوليا في شهر مارس 2012 إلى مجلس وزراء الخارجية في دورته الأولى، لرفعها لقادة دول مجلس التعاون وترفع الهيئة توصياتها النهائية إلى اللقاء التشاوري الذي يعقد في يونية من كل عام. نقاش سياسي اقتصادي اجتماعي ومن الواجب أن نشير إلى أن هناك ثلاثة مجالات سيتم قتلها بحثا: الأول سياسي والثاني اقتصادي والثالث اجتماعي. أولا: سياسي: وهو ذو ثلاثة مجالات الأول سياسة داخلية أو محلية وهي تعني بالإدارة المحلية، وهنا يجب أن نناقش فكرة هي الحل الأمثل أن يتم إعادة استيعاب المكونات الستة للاتحاد في إطار اتحاد فيدرالي -ذوبان كامل في الشخصية الجديدة- وفق (الأنموذج الأمريكي)، أم نتركها في صورة اتحاد كونفدرالي تحافظ كل دولة على شخصيتها الاعتبارية من علم وخصوصية ذاتية- (أنموذج الاتحاد الأوربي)، والثانية السياسة الإقليمية وتبعاتها وهي ما يتعلق بالأمن الإقليمي والدفاع الجماعي لمنظومة الاتحاد (التي بالضرورة أصبحت الآن وحدة سياسية متكاملة)، وتدرج ذلك على الموقف العالمي والتعامل مع الأسرة الدولية لمنظومة الاتحاد، مثل مفوضية السياسة الخارجية للاتحاد. ثانيا المجال الاقتصادي: وهو ما أفضنا فيه قليلا بالأعلى ولكن لا بأس من الإشارة إلى أن المجلس يجب أن يتجه إلى تطبيق نظام السوق المشتركة بين الأعضاء، وعندها يتحول إلى وحدة اقتصادية، فهي مرحلة أكثر تقدما لأنها في هذه الحالة تكون هناك سياسات كثيرة مشتركة وموجودة في الزراعة والصناعة والتجارة والسياسة المالية والنقدية وسياسات الإنتاج والخدمات والبيئة كما فعل الاتحاد الأوروبي، إلى أن نصل إلى مرحلة أن يكون هناك بنك مركزي موحّد لهذه الدول وعملة موحدة وما ذلك على الله بعزيز. ثالثا المجال الاجتماعي: وهو الأهم لأنه الحقل الذي يثمر فيه كل ما سبق لأن المجتمع ذا اللغة الواحدة والثقافة الواحدة والتاريخ المشترك هو الجذر الذي أنبت كل هذه المكونات الفريدة في نسيجها وحدها. إن هذا المسعى يتطلب أن يكون هناك مسؤول (مفوض) واحد يمثل الاتحاد في مجال السياسة الخارجية، ومسؤول (مفوض) للشؤون المالية والاقتصادية..إلخ، إضافة إلى التنسيق على مستوى أعلى في المجالات العسكرية والأمنية، مما يتطلب أن تكون هناك مؤسسات تشريعية على مستوى دول المجلس، كالبرلمان أو مجلس شورى الاتحاد.إن مسؤولية النهوض بهذه المهمة التاريخية تتطلب تجاوز الدلالات «الرمزية» وصولا إلى «رؤية إستراتيجية» بعيدة المدى لتطويرها حتى تكون سياجاً واقياً لدول المجلس التي تقع ضمن محيط إقليمي جد مضطرب. فلابد أن نقول إن ثمة فرصا حقيقية تدفع في اتجاه إقامة مثل هذا الاتحاد أبرزها، أن طبيعة التكوينات الجيوسياسية والثقافية للمنطقة تلائمها صيغة «الاتحاد» أكثر من صيغة «التعاون»، إذ إن الأخير يجعل الباب مواربا، وبعبارة أخرى، فإن التزامات وواجبات «التعاون» اختيارية، بينما التزامات ضرورات «الاتحاد» إجبارية. ولعل «الاتحاد الخليجي» المرتقب سيكون هو بالفعل حائط صد قوي ضد هذه المخططات الإقليمية التي تستهدف الكيان العربي في مكوناته التاريخية والثقافية، من خلال تثبيت الأنماط الاقتصادية والسكانية كلبنة أساسية لتكون اتحادا قويا ضد كل محاولات التشكيك والتهميش الفكري والوجودي. الملك عبدالله في القمة 32 لدول مجلس التعاون الخليجي (الشرق)