يُعتبر مرض الفُصام «Schizophrenia» من أكثر الأمراض الذهانية «Psychosis» شيوعا، وتُمثل نسبة انتشاره بين العامة ما يُقارب 1 % قد تزيد أو تنقص لاعتبارات مُتعددة. الفُصام مرض حدي يفصل الإنسان عن واقعه الطبيعي من خلال ظهور مجموعة من العوارض «غريبة الأطوار وغير مألوفة» التي تتمثل في وجود هلوسة، في العادة سمعية «كأن يسمع المريض أصواتا تتحدث له وعليه وعنه» وكذلك ظهور الضلالات «Delusions» في صور شك وريبة من أن ضرراً قد يلحق به من قبل من حوله، وأن هناك قوى خارجية تُسيطر على فكره أو أنه ذو أهمية وشأن عظيم مع وجود اضطراب في شكل التفكير واختلاط الفكر وامتزاجه، يُضاف لذلك مجموعة من العوارض السلبية والانفعالات التي لا تتفق والسلوك الاجتماعي العام والسلوكيات الغريبة، مع ظهور عجز معرفي في التعلم والذاكرة والانتباه والتركيز والوظائف التنفيذية، يُشكل الجميع سلوكا عاما «مجموعة الفصام» لا يتفق والسلوك السوي المقبول. فيما يتعلق بالسبب، فلا يزال «لغزا مجهولا» وليس هناك سبب «أحادي» بعينه يمكنه تفسير تلك العوارض، ما تم الاتفاق عليه أن الفُصام يظهر نتيجة مجموعة من العوامل الحيوية والنفسية والاجتماعية في شكل منظور يُعرف بزيادة الحساسية للضغوط النفسية «Vulnerability-stress related»، ما أود التركيز عليه هنا أن هناك إشارات مُبكرة لظهور المرض «Early sings»، لو أُخذت بعين الاعتبار لأمكن تفادي ظهور المرض بحلته المرضية الكاملة، وما إن تطفو العوارض الفُصامية على السطح، تبدأ رحلة العلاج. علاج الفُصام ليس بالأمر الهين، وهو من مجموعة الأمراض القابلة «للعلاج» وليس «الشفاء» التام، يتنوع التدخل العلاجي بتنوع المُسببات من استخدام أدوية مُضادات الذهان «Antipsychotics» في جيلها الجديد والعلاج النفسي «Psychotherapy» بُمختلف مدارسه ومناهجه والتدخل الاجتماعي والبيئي واكتساب المهارات الاجتماعية، متى ما توافرت مثل تلك التدخلات العلاجية مُجتمعة، كان مآل المرض جيدا، وأمكن التحكم به، ليعيش المريض حياة طبيعية ويُمارس دوره الحياتي كإنسان في شتى المجالات، عدم توافر تلك التدخلات أو بعض منها ينعكس سلبا على مسار المرض، ليصبح «مزمنا»، ويجعل حياة المريض أكثر صعوبة ويخسر المُجتمع عضوا من أعضائه، ويكلف القطاع الصحي كثيرا من الإنفاق. للحديث بقية.