أنشئت الهيئةُ العامة للغذاء والدواء بقرار من مجلس الوزراء بتاريخ 7/ 1/ 1424ه كهيئةٍ مستقلَّة ذات شخصيَّة اعتباريَّة ترتبط مباشرةً برئيس مجلس الوزراء، وأنيطتْ بها جميعُ المهمَّات الإجرائيَّة والتنفيذيَّة والرقابيَّة لضمان سلامة الغذاء والدواء للإنسان وسلامة المستحضرات الحيويَّة والكيميائيَّة والمنتجات الإلكترونيَّة التي تمسُّ صحَّته؛ ويتولى إدارة شؤون الهيئة مجلسُ إدارةٍ برئاسة وليِّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وعضويَّة وزير الشؤون البلديَّة والقرويَّة نائباً، وعضويَّة وزراء: الداخليَّة، الصحَّة، التجارة والصناعة، الزراعة، والمياه والكهرباء، الماليَّة، الاقتصاد الوطني والتخطيط، وعضويَّة مدير عام الهيئة العربيَّة السعوديَّة للموصفات والمقاييس، وعضويَّة رئيس مجلس الغرف التجاريَّة والصناعيَّة وعضويَّة أحد المختصِّين في مجال الدواء. إذاً لقد أنشئت الهيئةُ لغرضٍ أساسيٍّ هو الإشراف على الغذاء والدواء والأجهزة الطبيَّة ووضع المواصفات القياسيَّة الإلزاميَّة لها وتنظيمها ومراقبتها سواءٌ أكانت مستوردة أم كانت مصنَّعة محليّاً، ولتضطلعَ بعد ذلك بمهمَّة توعية المستهلك والمتداوي فيما يتعلَّق بذلك؛ وذلك لتحقيق أهدافها الرئيسة بسلامة الغذاء ومأمونيَّة الدواء والمستحضرات الحيويَّة والكيميائيَّة ومستحضرات التجميل والمبيدات وفاعليَّتها، وسلامة المنتجات الإلكترونيَّة من التأثيرات السلبيَّة على الصحَّة العامة، ودقَّة معايير الأجهزة الطبيَّة وسلامتها، ووضع السياسات والإجراءات الواضحة للغذاء والدواء والتخطيط لتحقيقها ولتفعيلها، فضلاً عن وضع قاعدة علميَّة يستفاد منها في الأغراض التثقيفيَّة غذائيّاً ودوائيّاً، والإشراف على الإجراءات الخاصة بالتراخيص لمصانع الغذاء والدواء والأجهزة الطبيَّة واستيرادها ومراقبتها، وإعداد قاعدة معلوماتيَّة عنها. وتهدف أنشطةُ قطاع الدواء المعزِّزة لبعضها إلى حماية الصحَّة العامة في المملكة عن طريق رصد الآثار الضارة الناجمة عن تناول الأدوية ومراقبتها، وتزويد المهنيِّين والجمهور بمعلوماتٍ مستقلَّة عن الأدوية واضحة وكافية، وإيصال الرسائل الصحيَّة والمعلومات الموثَّقة عنها لهم؛ انطلاقاً من المفهوم القائل: بأنَّه يجب وضع توجيهات استعمال كافية، وإرشادات للمريض المتداوي بالأدوية المَبيعة بلا وصفة والمسماة بالأدوية فوق الطاولة لتكون آمنةً بشكل يطمئنُّ لاستعمالها ذاتياً، لذلك فالرؤية الشاملة للهيئة ألزمتْها بأن تكون الجهة الرقابيَّة الرائدة المقدِّمة خدماتها بمهنيَّة متميزة تسهم في حماية الصحة في الوطن وفي تعزيزها؛ ولتضمنَ السلامة الغذائيَّة والفاعليَّة الدوائيَّة من خلال بناء جهاز رقابيٍّ فاعل. إذاً لدينا في بلادنا هيئة عامَّة رقابيَّة لضمان سلامة الدواء والغذاء تضطلع ضمن أهدافها وأنشطتها بمهمَّة توعية المستهلك فيما يتعلق بذلك؛ فأين هذه الهيئة من معاناة المستهلكين أمام محاولات المنتجين للمواد الغذائيَّة من خبز ومعجَّنات وألبان ومنتجاتها وعصائر ولحوم ومعلَّبات غذائيَّة من استغفالهم بطباعة تواريخ إنتاجها وتواريخ نهايات صلاحيَّتها للاستهلاك الآدمي في زوايا تتداخل بياناتها بقصدٍ مع رسومات أكياسها وأغلفتها وبأحرف وأرقام صغيرة جدّاً؛ ممَّا يجعل معظم المستهلكين لا يتبيَّنونها عند الشراء فيتورَّطون بمنتجاتٍ منتهية الصلاحيَّة أو قريبة من ذلك فيخسرونها أو يستهلكونها دون معرفة بفسادها، فلماذا لا تلزم الهيئةُ المنتجين بأن تكونَ تواريخ منتجاتهم واضحة في مواقعها وبأحجام حروفها وأرقامها على خلفيَّة غير شفَّافة؟ ولتتعرَّفَ الهيئةُ على معاناة المستهلكين هذه عليها أن تستفتي من خلال جهازِها الرقابيِّ عيِّنات من المتردِّدين على البقالات وعلى محلات السوبر ماركت للاطِّلاع على مدى معاناتهم وعلى مقترحاتهم بما يخدمهم ويرفع عنهم معاناتهم اليوميَّة؛ وبذلك يمكن القول: بأنَّ الهيئة تنهض بجوانب من أغراضها التثقيفيَّة في مجالي الغذاء وحماية المستهلك، وأنَّها تفعِّل إشرافَها على الإجراءات الخاصة بالتراخيص لمصانع الغذاء ومراقبتها، فتقدِّم خدماتها للمواطنين بمهنيَّة متميَّزة تسهم في حماية الصحة العامَّة وتعزِّزها، وتضمن سلامة الغذاء ومأمونيَّته وجودته من خلال أدوارٍ فاعلةٍ لأجهزتها الرقابيَّة. وعلى الهيئة العامَّة أيضاً لتحقيق أهدافها الرئيسة بسلامة الدواء ومأمونيَّته وفاعليَّته، ولوضعها قاعدة علميَّة يستفيد منها المواطنون في الأغراض التثقيفيَّة، ولتفعيل أدوارها بالإشراف على إجراءاتها الخاصة بالتراخيص لمصانع الدواء ومراقبة تطبيقها، ولإعدادها قاعدة معلومات دوائيَّة؛ ولممارسة مهمَّتها الرقابيَّة الرائدة في مجالها هذا فتقدِّم خدماتها بمهنيَّة متميِّزة تسهم في حماية الصحة العامَّة للمواطنين وتعزِّزُها من خلال أجهزتها الرقابيَّة وتفعيل أدوارها، فلتنظر الهيئةُ في مدى وضوح النشرات الدوائيَّة المرفقة بالأدوية سواءٌ ما يصرف منها بوصفات طبيَّة أم ما يصرف بدونها؛ لضرورة هذا في واقع أنَّ معظم الأطبَّاء والصيادلة لا يعطون المرضى وقتاً كافياً لاستفساراتهم عن آثارها الجانبيَّة أو لتعريفهم بمحاذير قد تحدث للمريض لسوء الاستخدام توقيتاتٍ وجرعاتٍ، فالمرضى الواعون حين يحاولون أن يطَّلعوا على النشرات الدوائيَّة المرفقة بالأدوية لا يتمكَّنون من ذلك لصغر حروف طباعتها؛ حيث تطبع ببنط صغيرٍ جدّاً، وكأنَّ المقصود من ذلك ألا يتعرَّف المريض على آثارها الجانبيَّة وألا يتلافى محاذيرها المتوقَّعة، فكثيراً ما يتعرَّض مرضى لتلك الآثار وقد يتورَّطون بمحاذيرها. ففي بعض النشرات الدوائيّة المرافقة يُنصح المرضى عند تناولهم تلك الأدوية ألَّا يقودوا سياراتهم أو ألَّا يشغِّلوا آلاتٍ ميكانيكيَّة؛ لأنَّها أدوية تُضْعِفُ لديهم درجاتِ التركيز وقد تعرِّضهم للنَّوم المفاجئ؛ ولذلك فقد اعتدتُ حين احتياجي لأدويةٍ ما على الاستفسار من الأطبَّاء والصيادلة؛ ولكنِّي قد لا أحظى دائماً بتوعية كافيةٍ لضيق الوقت لديهم، أو لأنَّهم لا يبالون بذلك، فأخذتُ على نفسي قراءة النشرات الدوائيَّة المرفقة بمغلَّفات الأدوية، فأجد صعوبةً بقراءتها لصغر حروفها فتفوتني بعض التحذيرات، علماً بأنِّي أستطيع قراءة الصحيفة بدون نظَّارة قراءة جيدة، وقد تورَّطت باستخدامي مخفِّضَ حرارة الرشح وهو مما يصرف بدون وصفة طبيَّة، ولكنَّه كان نوعاً مستجدّاً باحتوائه على مضاد الهستامين المضعف لدرجة التركيز والمتسبِّب بالنوم المفاجئ، وحين أحسستُ بذلك استخدمتُ مكبِّرات لتساعدني على القراءة فوجدتُ إشاراتٍ تحذيريَّة، فأين الهيئة من مساعدة المرضى لكي لا يتورَّطوا فيتسبَّبوا بأذيَّةٍ لأنفسهم أو لغيرهم؟!!