زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبر مؤسس الحركة القومية الحديثة في بلاده، ألب أرسلان توركيش، إحياءً للذكرى ال 20 لوفاته هذا الشهر. وبدت الخطوةُ مثيرةً للاستغراب، لكنها جاءت قبل أيام من الاستفتاء على تعديلٍ دستوري يوسّع صلاحيات الرئيس. ولا يزال توركيش، الذي أسس حزب الحركة القومية عام 1969 وبقي رئيسه حتى وفاته عام 1997، رمزاً للقوميين الأتراك. وقد تبدو زيارة أردوغان مفاجئة، وحتى متناقضة، لقبر الرجل الذي كان المتحدث باسم الانقلاب العسكري الذي جرى عام 1960. وأدى ذلك الانقلاب إلى إعدام رئيس الوزراء السابق، عدنان مندريس، المثل السياسي الأعلى للرئيس الحالي. ويتخذ حزب الحركة القومية موقفاً معارضاً لحزب العدالة والتنمية إسلامي التوجه، حيث تتباين معتقدات الطرفين بشكل واضح. لكن الحزب القومي بات حليفا غير متوقع في سعي أردوغان إلى إيجاد نظام رئاسي يعزز سلطاته. وستشكل أصوات القوميين عاملاً رئيساً لضمان رجوح الكفة لصالح «نعم» في استفتاء ال 16 من أبريل. إلا أن تحقيق ذلك ليس سهلاً نظراً للهوة بين أتباع دولت بهجلي، الذي يقود القوميين منذ وفاة توركيش ويدعم النظام الجديد، وفصيل منشق يرفضه. ويعتبر الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، صميم أكغونول، أصوات القوميين حاسمةً لإقرار النظام الرئاسي التنفيذي. وفي تحرك آخر مثير للاستغراب؛ أدهش رئيس الوزراء، بن علي يلدريم، المراقبين عبر قيامه، خلال خطاب ألقاه في أنقرة، بإشارة اليد التي تقوم بها حركة «الذئاب الرمادية»، وهي جناح متطرف ل «الحركة القومية» عُرِفَ عنه تبنيه للعنف. وكان دعم بهجلي لأردوغان وراء الانقسام داخل الحركة، وجرى فصل عدد من أعضائها، وبينهم نواب، لعدم تأييدهم تعديل الدستور. وتقود ميرال إكسنير، التي شغلت منصب وزير الداخلية في التسعينيات، جناح الحزب الداعي إلى التصويت ب «لا» على التعديل الدستوري. ونظّمت الخطيبة المفوهة، التي رسمت على يدها العَلَم بالحناء، تجمعات انتخابية في أنحاء البلاد، تحت شعار «80 مليون لا» في إشارة إلى عدد السكان. وذكر عمر شاكر أوغلو، وهو مؤيد ل «الحركة القومية»، أن الحاضنة الشعبية للحزب ترفض التعديلات على الدستور رغم موافقة قادته عليها. وقال الرجل البالغ من العمر 55 عاماً بينما كان مشاركاً في أحد التجمعات التي حشدتها إكسنير: «لا أصدق أن أي قومي يمكن أن لا يقول لا»، مبيّناً أنه حضر التجمع لدعم «لا» وليس لدعم إكسنير شخصياً. وتوقع سنان أوغان، وهو معارض مرموق لموقف قادة الحزب وتم فصله منه الشهر الماضي، تصويت أكثر من 90% من القوميين ب «لا». وحذر نوري أوكوتان، الذي فُصِل من الحزب في الوقت نفسه مع أوغان، من أن التصويت ب «نعم» سيُفقِد الحركة أهميتها كقوة معارضة. وقال: «إذا تم إقرار التعديلات، فسيخسر القوميون وحزب الحركة القومية». لكن نائب رئيس الحزب، محمد غونال، وصف هذه المواقف ب «ادعاءات تعكس المرارة التي يشعر بها أعضاء سابقون في الحزب». وأبلغ غونال وكالة الأنباء «فرانس برس» بقوله: «يحاولون الآن إثارة الضجة لأنهم طُرِدوا»، مصرّاً على أن النتيجة الإيجابية للاستفتاء ستجعل «القوميين وحزب الحركة القومية أقوى». وشدد: «إنه حزب عمره 48 عاماً، لطالما كان هنا. إنه الأساس الأيديولوجي للقوميين الأتراك وممثلهم السياسي». أما الأستاذ المساعد في قسم العلاقات الدولية في جامعة توب التركية، بوراق بيلكاهان أوزبك، فأكد أن التصويت ب «نعم» سينهي المعارضة داخل «الحركة القومية». ومع إلغاء منصب رئيس الوزراء في ظل التعديل الدستوري؛ يعتقد البعض أن بهجلي قد يصبح نائباً للرئيس. وتوقع أوزبك أن يحظى بهجلي ب «كافة أنواع الدعم القانوني والسياسي والبيروقراطي في هذا السياق». أما إكسنير فسيتعين عليها في هذه الحالة «البدء من الصفر وتأسيس حزب جديد»، بحسب ما رأى أوزبك.