سيدتي الجميلة: جربي أن تتخيلي أن تكوني «آسيوية» ليوم واحد فقط. لن تقدري! لنصف يوم؟ لثلاث ساعات؟ لساعة؟ ساعة فقط! تخيلي أن تضطري لاقتلاع نفسك من جذورك، من وجوه أطفالك الملتصقة بفستانك، من صدر زوجك النحيل وقلب أمك المنفطر على شبابك، الذي سيصاب بالربو والتهاب المفاصل. جربي أن تركضي في ثلاثة مطارات، وتنتظري عشرين ساعة على أدراج مكدسة بالأجساد والروائح والهزال والألم من دون طعام، ودون نقود تشترين بها الطعام. جربي أن تتحولي إلى رقم، وأن يرمى جواز سفرك بوجهك من خلف وجوه لا تتبسم مرحبة بك، وأن تقبلي أن يتغير اسمك صعب التركيب ويتحوّل إلى صوت آخر، نغمة جديدة، أي شيء إلا اسمك الذي تتركينه على باب الدار مع حذائك! هل أستمر؟جربي أن يتم استقبالك بزجاجة شامبو لقتل القمل الذي من المؤكد أنه يملأ رأسك، وأن تأكلي أي شيء لا تعرفينه حتى لو كان طبق باميا بارداً، تخيلي أن تنامي على فرشة ليست فرشتك في ليلتك الأولى وتدركي كم أنت بعيدة عن حاشيتك الفقيرة وتبكي بحرقة حتى ساعات الفجر الأولى، انتهى التخيّل! أعرف أن قسماً كبيراً من نسائنا، لن تعجبهن هذه الصورة، وأعرف أن أصابع اليد ليست متشابهة لكنني أعلم علم اليقين، بأن نسبة لا يستهان بها من العاملات في المنازل، يعاملن معاملة أقل ما يقال عنها إنها غير إنسانية، وحين أقول إنسانية، فإنني أعني الجسد والروح والكرامة، أعني العمل لأكثر من 12ساعة متواصلة والنوم في حجرات متهالكة بجانب سلة الغسيل، وهذه حقيقة!! أعني التجرؤ على جسدها بالضرب أو الاعتداء، وتناسي القيم الدينية التي تحض على الرفق بذوي وذوات الحظ القليل ووصية إعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، فبسبب الطفرة الاجتماعية والاقتصادية التي مرت على البلاد منذ عقود، تعلمنا أن نكون أسراً لا تستغني عن عاملات المنازل، واللائي أصبحن احتياجاً جاداً ومطلباً رئيسياً عند كثيرين، ممن يمكنهم الاستغناء عنهن فعلاً؛ لكن عدوى التواكل والكسل انتشرت في بيوتنا وبين أبنائنا ونسائنا؛ حتى صار تأمين عاملة جديدة قبل أن تسافر القديمة أكثر أولوية من قسط السيارة أو المدرسة وهذه مع الأسف حقيقة أيضاً! حسناً بما أنها حقيقة، إذن لنبدأ بانتهاج الاحترام معهن، لأن ذلك ينعكس على شكل ونوع الخدمة المقدّمة والأهم من ذلك من أجل أن ترتاح ضمائرنا، ولنعتقد منذ اليوم بإنسانيتها ونتدرب على أنها امرأة لها قلب وعقل وإحساس، وهرمونات متقلبة وذكاء وغباء، ومكر وغيرة واشتياق، لنعلّم أولادنا وبناتنا ثقافة أرجوك ولو سمحت وشكراً و«تسلم إيديكِ» ولننشر قيمنا الإنسانية طيبة القلب ونكون نموذجاً يضرب به المثل في محافل حقوق الإنسان الدولية، حيث لا عاملة تنتحر، أو تقتل، أو يعتدى عليها، أو تدفع للهروب للفكاك من شر القهر.