بين الشهرة والتشهير ملامح مشتركة، تتعلق بالانتشار، وتوسع الأصداء، واتساع الرسالة سواء كانت «مفتعلة، أم نتيجة»، وفي المفهومين تفاصيل دقيقة، فالأول فيه موضوعية في جانب، وفيه سوء، واستياء خصوصاً بعد الحالات الأخيرة التي درست الشهرة، ونالت أعلى الدرجات فيها، أما التشهير فهو مفتعل، وذو جوانب سيئة مخالفة للعقل والمنطق إلا في حالات تجريم بعض الفاسدين مثل: المحكوم عليهم بالقصاص، أو أرباب الفكر الضال، أو لصوص التنمية، وهناك حقل جديد ومساحة منطقية مفترضة وواجبة من التشهير المختلط بالعقاب لأصحاب الشهرة، الذين أساءوا إلى المجتمع، ووجِّه إليهم نقد وانتقاد من العقلاء لكل مَنْ شارك منهم وصفق للشهرة الحمقاء. وبالإبحار في موضوع الشهرة فقد باتت أدواتها الأكثر فاعلية الحماقة والسخف والعته والسفاهه وهي متوافرة بحكم العقول الفارغة من الوعي والقلوب المتفرغة للتفاهات والمهاترات والترهات. شاهدنا مؤخراً عدداً من السذج، وجمعاً من المتخلِّفين عقلياً المخالفين سلوكياً، وهم يصوِّرون مقاطع سخيفة بحثاً عن الشهرة، وسبقهم إلى ذلك أصحاب الهياط المشهورون، الذين لا أعلم ماذا حلَّ بهم من وَيْل وثبور بسبب تلاعبهم بنعمة الله، فما لبثنا أن نسيناهم قليلاً حتى شاهدنا عشرات الفيديوهات، التي لن أفصِّلها بأسمائها، فهي معروفة، ويقف وراء المونتاج فيها مجموعة من الحمقى والسفهاء، كمرحلة أولية، ثم لم نلبث حتى شاهدنا آلاف المصفقين السفهاء، والمؤيدين، والمتفاعلين مع هذا السفه المجتمعي، الذي يعارض العقل والمنطق، ولا يتفق مع تعاليم الإسلام، وقيم مجتمعنا التي تدعو إلى النبل، وتمقت الجهل. هذه المساحة الهزلية من تشجيع، و»تأليب الحماقة»، أوجدت لدينا فريقاً من التافهين، الذي «يتبهرجون» عبر الفيديوهات، بل إن بعضهم وصل به الأمر ليطلق على نفسه لقب مدرب محترف، ومستشار، وغير ذلك من المسميات المجانية تحت مظلة السفاهة، وظلال الحماقة. وسائل التواصل الاجتماعي، وأرتال الجماهير السخيفة، صنعت لنا مساراً هزيلاً وهزلياً، وأوجدت هذه الشهرة الزائفة المزيفة الغبية عن طريق حمقى، يتاجرون بأنفسهم، ويبيعون عقولهم، ويروِّجون السخافة لتكون السيناريو، والإنتاج لأفلام الهزل، بحثاً عن الشهرة وسط وجود وسائل إعلامية تلاحق السفه لبيع إنتاجها منه، فقد بات وجبة دسمة، يهرب منها العقلاء وتجذب السفهاء، وما أكثرهم. لذا أرى أن يتم إقرار وتشريع عقوبات، وحتى تشهير وإن كانت أحكاماً بديلة للأحكام التعزيرية ضد مسوِّقي أنفسهم رغبة في الشهرة والاشتهار، والانتشار بهذه الطرق المسيئة إلى المجتمع، التي ستنتج آخرين مستنسخين لنفس التجارب إذا لم يتم وضع حد لهم حتى يكونوا عبرة، وحتى نبدد هذه المساحة البائسة من الحماقة، التي أعيت مَنْ يداويها، وباتت تُفقد المجتمع وعيه من خلال بعض شرائحه.