وافق المقام السامي على مقترحٍ بتبني الدولة إقامة مشروعٍ في المدينةالمنورة باسم «واحة القرآن الكريم». وستُتاح لكبار المعماريين العالميين والمكاتب الاستشارية الدولية فرصة المنافسة في تصميم المشروع. وتضمنت الموافقة السامية تخصيص أرضٍ، بمساحة 200 ألف متر مربع، تُسلّم إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، على أن تنسق الأخيرة مع 3 جهاتٍ حكومية هي، وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وأمانة منطقة المدينةالمنورة وهيئة تطوير المنطقة، في تطوير الأرض لتستوعب جميع عناصر المشروع، بالشراكة مع القطاع الخاص. وكان رئيس «العامة للسياحة والتراث الوطني»، الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رفع مقترحاً إلى المقام السامي بشأن المشروع. وفي تصريح أمس؛ رفع الأمير سلطان بن سلمان الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، على دعمه الكبير للمشروع. وأعرب، في ذات السياق، عن تقديره لأمير منطقة المدينةالمنورة رئيس هيئة تطويرها، الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، ووزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، الشيخ صالح آل الشيخ، وأمانة المدينةالمنورة، و«جميع من يشارك في هذا المشروع لأجل أن يرى النور بالشكل الذي يليق بشرف موضوعه وخصوصيته». وعدّ الأمير سلطان واحة القرآن الكريم حلقةً مهمةً في سلسلة عناية الدولة منذ قيامها بالقرآن وخدمة علومه والإسهام في حفظه ونشره وإبراز كنوزه ومعجزاته. وأبدى تشرُّفه بتقديم هذا المقترح لتأسيس أهم متحف على مستوى العالم للقرآن وإبراز كل ما يسهم في فهمه ونشره ويتعلق بالعناية به عبر العصور. وصرّح قائلاً: «موافقة خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- على إقامة المشروع التاريخي تأتي في سياق عناية مقامه الكريم بخدمة الحرمين الشريفين والقرآن الكريم وكل ما يخدم الدين الإسلامي العظيم، حيث شرف الله هذه البلاد بأن تكون حاضنةً لقبلة المسلمين وأطهر البقاع ومهبط الوحي ومنبع الرسالة ومواقع نزول كتاب الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ وحاضنةً مواقع تاريخ الإسلام»، متابعاً: «هذه البلاد قامت على هدي الشريعة الإسلامية السمحة وتستمد عزتها وبقاءها بتمسكها بالعقيدة الصافية وتعاليم الإسلام والقيم التي تَوافق عليها أهل هذه البلاد ويتفانون للعمل بها وإبرازها، والعناية بالقرآن الكريم وتقديم كل ما يتعلق به لزائري مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يتطلع له كل مواطن ويسعى الكل للمشاركة في الإسهام فيه قربةً لله ومحبةً لرسوله صلى الله عليه وسلم وعملاً بمقتضى الانتساب لهذه البلاد التي حباها الله بهذا الشرف». وأكد الأمير سلطان: «شرفنا الله بأن نكون في بلد نزول القرآن؛ ويهمنا أن نُعرِّف بتاريخ الإسلام في البلد الذي يتشرف باحتضان المواقع التي نزل فيها القرآن ودارت فيها أحداث التاريخ الإسلامي منذ فجر الإسلام». ووفق تأكيده؛ ستضم الواحة متحفاً وقاعات ومراكز تعليم وجذب لكافة الأعمار والاهتمامات. وقبل نحو 5 سنوات؛ صدر أمرٌ سامٍ كريم بتشكيل لجنة لدراسة المقترح الذي تقدم به الأمير سلطان بن سلمان لإنشاء واحةٍ للقرآن الكريم في المدينةالمنورة. وانتهت اللجنة إلى تكليف هيئة تطوير المدينةالمنورة، بمشاركة فريقٍ متخصصٍ من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (قطاع الآثار والمتاحف) ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة المالية وأمانة المنطقة، بدراسة فكرة المشروع، والإشراف على اعتماد التصاميم. ودعت «العامة السياحة والتراث الوطني» وإمارة المدينةالمنورة وهيئة تطوير المنطقة إلى مسابقة عالمية للأفكار التصميمية للواحة. وستتولى لجنة تحكيم، تضم أهم المهندسين من الدول الإسلامية ومهندسين عالميين، اختيار التصميم الفائز، فيما سيعتمد رئيس «العامة للسياحة والتراث الوطني» وأمير المدينةالمنورة النتيجة. وتقع أرض المشروع على طريق الملك سلمان بمساحةٍ تقارب 200 ألف متر مربع، بالقرب من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز، مما يسهل على جميع سكان المدينةالمنورة وزوارها زيارة هذا المعلم عند انتهائه. ولن تصبح واحة القرآن الكريم مجرد مكانٍ للعرض المتحفي، بل ستمثل، بحسب ما أوضحت «العامة للسياحة والتراث الوطني»، مركزاً متكاملاً يقدم عروضاً مرتبطةً بالقرآن باستخدام تقنيات رقمية ومرئية حديثة تمكّن جميع المسلمين، خصوصاً الشباب، من زيادة تفاعلهم مع كتاب الله. وستُجري الواحة الدراسات والبحوث في المواضيع المتصلة بعلوم القرآن، وستنشرها. وسيُخصَّص في المشروع مكان مناسب لما يزيد عن 3 آلاف مخطوطة للقرآن أُهدِيَت إلى المسجد النبوي على مر العصور، وبعضها يعود تاريخه إلى القرن الثالث الهجري. ويهدف المشروع إلى ربط الماضي التاريخي للمصحف الشريف بمرحلة الانطلاق نحو المستقبل، إذ سيوجِد مؤسسة تعليمية تعرض كل ما له علاقة بالقرآن، فضلاً عن توفير الجانبين التثقيفي والتشويقي من خلال نشاطات اجتماعية ومحاضرات وملتقيات علمية وبرامج تعليمية للناشئة والأسرة، إضافةً إلى عرض أهم المخطوطات والمصاحف. وسيتألف مقر الواحة من بهو استقبال، وعددٍ من قاعات العرض، وفصول متحفية، ومكتبة، وقاعة محاضرات كبيرة، وقاعة للطفل، ومرافق للإدارة، ومعامل للصيانة والترميم، ومسجد رئيس، إضافةً إلى ساحة خارجية كبيرة تحيط بها الحدائق وصفوف النخيل والمسطحات المائية. وقائمة المواضيع التي ستُعرَض في الواحة تتضمن كتابة المصحف وزخرفته وتجليده، وتنزيل القرآن وترتيله، وعلومه، وصناعة المصحف، والإعجاز في القرآن، وقصصه، وفنون المسلمين المرتبطة به. وسيتماشى العرض مع التسلسل التاريخي منذ ظهور الإسلام وحتى العصر الحديث. ورفع أمير المدينةالمنورة، باسمه ونيابةً عن أهالي المنطقة، الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين على موافقته على إقامة المشروع الذي سيشكّل أحد أبرز المعالم المضيئة في خدمة كتاب الله. وأكد الأمير فيصل بن سلمان أن هذا المشروع الحضاري يأتي امتداداً لرعاية الدولة، منذ تأسيسها على يدي الملك عبدالعزيز آل سعود- رحمه الله-، خدمة القرآن الكريم والإسلام والمسلمين. وأعرب الأمير فيصل، في الوقت نفسه، عن شكره وتقديره للأمير سلطان بن سلمان على المقترح المرفوع منه بإقامة المشروع في المدينةالمنورة.