تشهد عاصمتنا الحبيبة احتفالا كبيرا سيجعلها في عشرة أيام مختلفة بالنسبة لنا، نحن سكان الرياض وكذا زوارها، من المشغولين بهمّ الكتابة. ينبغي أن نتذكر قبل أن نشرع في هذه المقالة أن معرض الرياض 2017 يحمل اسم (الكتاب رؤية وتحوّل) مع ما في هذا الاسم من مضامين لا تخفى على المراقب المتابع. انطلق المعرض بإعلان أسماء الفائزين بجائزة الثقافة، لكننا نحن معشرالمراقبين للحركة الثقافية في المملكة، تحفظنا على بعض تلك الاختيارات، والتحفظ أكبر عندما نتذكر أننا لا نعلم شيئاً عن الأسس التي يقوم عليها منح تلك الجوائز! فهناك عديد من الأعمال الأدبية التي نُشرت ودخلت المنافسة مما يرى كثيرون أنها كانت أولى بالفوز من تلك التي أعلن فوزها. أتحدث هنا عن الأعمال الأدبية مستحضراً أن للجائزة ستة فروع: فرع الفكر والفلسفة، وفرع العلوم الصحية، وفرع الرواية، وفرع الشعر، وفرع المسرح، وفرع الدراسات الأدبية. لا شك أن الأطباء المثقفين وحدهم هم من يستطيع أن يتحدث عن فرع العلوم الصحية ومن الذي قدم بحثاً جديدا يحمل إضافة حقيقية في هذا المجال، أما مجال الفلسفة والشعر والمسرح والرواية، فهي مطروحة لتساؤل شريحة أكبر من المثقفين ونقاشهم. ليس الغرض من هذه المقالة القدح في ذمة الإخوة القائمين على الجائزة، إلا أن جائزة وزارة الثقافة تتعلق بقضية حساسة بالنسبة لي ولطالما تحدثت بإلحاح عنها في السابق، ألا وهي: من هو المثقف؟ ومن يحدد المثقف الناجح ومن المثقف التعيس؟ والجائزة بلا شك تُشير إلى أشخاص بعينهم وتصنع منهم رموزاً، وبالتالي فهي تشارك بدور ليس بالهيّن في تعيين المثقف حتى وإن أعلنت أنها لم تُلحق الضرر بالآخرين. ولو أننا واصلنا المسير في تكريس فكرة تعيين المثقفين من دون تحديد وضبط الآلية التي يتم بها اختيار الفائزين، فإننا سنبقى أسرى للمزاج الشخصي، وبهذا سننحرف عن الاسم الذي يحمله معرضنا (الكتاب رؤية وتحوّل). التحوّل يعني مسارات جديدة تختلف عن المسارات السابقة، والمسارات السابقة، برغم تقديرنا لاجتهاداتها، كانت تُخترم بكثير من المجاملات والترضيات لجيل الروّاد من المثقفين السعوديين، وأسماء تتكرر، وتساؤل لا يتوقف. الروّاد على الرأس والعين، لكن ينبغي أن يفتح المجال للشباب المفعم بالحيوية الذي أتيحت له من المعارف الجديدة ما لم يُتح لغيره، لكي يبرز على الساحة ويقول كلمته. هذه سمة من سمات واقعنا الثقافي التي نتمنى أن نملك شجاعة التحوّل عنها للأفضل، إن كنا فعلا نُدرك أهمية الثقافة والفكر والإبداع في تغيير المجتمعات والسمو بها نحو المستقبل المشرق الذي نرجوه كلنا لمملكتنا. المملكة بالفعل تشهد تحولات كبرى على كل الأصعدة ومن الطبعي أن يكون المثقف حاضراً في هذا المشهد، فاعلاً لا منفعلا فقط، فهو من كان يحمل في ذهنه صورة المبنى الجميل قبل أن يخرج من عالم المثال الكليّ إلى عالم التمظهر الجزئي الواقعي الحقيقي، والإبداع والكفاءة وحدهما هما الحكم، إذا كنا فعلا نريد التحول نحو حراك ثقافي حقيقي وبحيث تكون المملكة، فعلا مُنتجة للثقافة والفكر والفلسفة.