نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية (في عددها الصادر بتاريخ 30 يناير الماضي) خبراً مفاده أن عددا من مرضى ارتفاع سكر الدم (diabetic patient) لجأوا إلى مقاضاة بعض الشركات المنتجة لعقار الأنسولين و ذلك بحجة التآمر و الاحتيال في زيادة أسعار جرعات الأنسولين المنتجة من قبل تلك الشركات. حيث إن هذا الارتفاع في أسعار الجرعات قد أدى إلى زيادة الإنفاق من قبل المعانين من الخلل الهرموني المزمن الذي أدى إلى ارتفاع في نسبة سكر الدم، و وصفوا تلك الزيادة بالساحقة (crushing out-of-pocket expenses)، خاصة من المرضى الذين لا يمتلكون بوليصة تأمين صحي. وحسب التقرير الصحفي، فإن صناعة الأنسولين يتم احتكارها من قبل شركات محددة (oligopoly of companies)، استطاعت أن تتحكم في زيادة مستقرة في أسعار الأنسولين خلال الأعوام الماضية، حيث كانت هناك زيادة ملحوظة في أسعار الأنسولين من نوعي (Humalog) و (Novolog) منذ عام 1996 إلى عام 2016. ففي عام 1996 كان سعر قارورة الأنسولين يتراوح في حدود 21 دولارا وفي عام 2001 وصل السعر إلى سقف 40 دولارا، وبعد ذلك وصل السعر إلى سقف 255 دولارا وكان ذلك في عام 2016. وكما هو معروف، فإن صناعة و إنتاج الأنسولين ساهم وبشكل فعال في تحويل حالة المصابين بارتفاع سكر الدم (النوع الأول) من حالات قد تؤدي إلى الوفاة إلى حالات يمكن التحكم بها (manageable disease)، مما أدى إلى زيادة نفقات الحصول على الأنسولين مقابل الأدوية الأخرى التي تستخدم لتنظيم مستوى سكر الدم، و هذه الزيادة وصلت إلى سقف (%218) عام 2013. إذاً، معظم المؤشرات التي تم رصدها من قبل عديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية (خاصة في أمريكا) في هذا الشأن، وجدت أن هناك مكاسب هائلة للشركات العاملة في هذا المجال التي قد تصل إلى مليارات الدولارات الأمريكية (سنويا!) وذلك مقابل إنتاجهم لهذا المركب المهم في حياة المصابين بالخلل الهرموني المزمن. وفي المقابل، لابد أن ندرك أن المصاب بهذا الخلل الهرموني، هو بحاجة أيضا إلى برنامج آخر متكامل من المتابعة مثل التكامل الغذائي (من مواد غذائية معينة وذات تكلفة مالية) والتحاليل الطبية اليومية (أحيانا) حيث إن سعر تحليل السكر عن طريق الوخز قد يصل إلى دولار واحد فقط (محليا قد يصل إلى عشرة ريالات خاصة في المستوصفات الأهلية و قد يكون أكثر!) حيث إن تلك التحاليل تكون ضرورية و قد يصل عددها في اليوم الواحد من 3 إلى 5 تحاليل (خاصة التحاليل المطلوبة قبل تناول الوجبات الغذائية). باختصار… وارتباطاً بمقالي السابق الذي كان بعنوان (التفاعل مع مستجدات الخدمات الصحية)، الذي ذكرت فيه: «إن التغير المستمر في عالم الخدمات الصحية قد تكون له من الإيجابيات الشيء الكثير في حياة كل من المتلقي (المريض) ومقدم الخدمة الصحية، ولكن هناك أيضا من الأحداث السلبية ما ينتج عنها كوارث بشرية». إذن، من الضروري الاطلاع المستمر على مثل تلك التغيرات التي تحدث في عالم متغير باستمرار «و قد لا تحكمه أخلاقيات التعامل مع المرض و المصابين به» خاصة من قبل المهتمين بالشأن الصحي، والتفاعل بصورة صحيحة مع تلك المتغيرات.