حينما يقول وزير التعليم إن معلمي المدارس الحكومية أصبحوا مجرد ملقنين فهل يعني أنهم أصبحوا من تلقاء أنفسهم أم إن هناك ما أسهم في تكوين البنية التربوية للمعلم؟ أليس هذا المعلم نفسه من وُلد وتنفس في ظل مناهج تم تلقينه إياها في الصغر لتصبح أمراً مسلماً به، ولا حاجة لإقحامه في التفكير والتأمل والتواصل مع الآخرين؟ وعندما يتربى هذا المعلم في ظل ذلك الانغلاق التربوي ليكون نسخة مكررة من آلاف الأفراد الذين ألقت بهم قلة الوظائف الأخرى للعمل في مهنة التعليم.. عندها ماذا سيكون شكل ذلك المعلم الذي يدخل ردهات التعليم لأول مرة بعد تخرجه ليجد مشرفين يرغمونه على قبول استراتيجيات بعينها وإلغاء إبداعه وتقييمه على أساس أن يكون نسخة من آلاف الريبوتات التي تلقن دون أن يكون لها دور حقيقي فيما تعلم! وكيف له أن يكون له دور وهو مجبر تحت أجندة التعاميم الوزارية التي يرغم بأن يتعامل معها وكأنها دستور. كان الأولى بالوزير المعروف بأفكاره الذكية التي طرحها أكثر من مرة في كتاباته قبل أن يتولى منصب الوزارة، أن يتتبع الأسباب ويفكر في البدائل والحلول التي طرحها سابقاً ويبدأ في تطبيقها، وأن يخرج المعلمين من بوتقة المحلية إلى العالمية بإبداعاتهم. نحن لا نأتي يا سيدي الوزير على أرض مفروشة بالزهور! بل نحن البشر الذين كلفهم الله بإعمار الأرض، علينا أن نبحث ونتعلم ونبتكر إذا ما منحنا الفرصة للعقول الشابة والمبدعة أن تتحرر من مجرد كتاب وقلم. نحن البشر الذين يمكن بالتدريب والتثقيف أن نغير وجه التعليم. لكن أنّى للمعلم أن يفعل ذلك وهو مضطر إلى التقيد بلوائح وأنظمة التعليم وإلا لخسر نقاطاً كثيرة في أدائه الوظيفي! سيدي الوزير، اقتحِم المدارس وجالس المعلمين لتسمع احتياجاتهم وما عندهم، ابدأ التطوير فهذا الدور المنوط بك عندما اختارتك الدولة لتصبح وزيراً للتعليم.