أسفرت أحدث الاشتباكات في مناطق الساحل الغربي لليمن عن مقتل وإصابة واعتقال 50 انقلابياً. في حين وقع قتالٌ في مناطق أخرى. ونقلاً عن مصادر عسكرية وطبية؛ أفادت وكالة الأنباء "فرانس برس"، ظهر أمس، بأن الاشتباكات بين قوات الشرعية والانقلابيين شمال مدينة المخا الساحلية (جنوب غرب) أسفرت "خلال الساعات ال 24 الأخيرة" عن مقتل 16 مسلحاً انقلابياً واعتقال 12 آخرين، فيما قُتِلَ 7 من جنود الشرعية. وأفادت الوكالة، عبر موقعها الإلكتروني، بسيطرة قوات الشرعية (الجيش الوطني والمقاومة) ليل الأربعاء – الخميس على بلدة يختل الواقعة على بعد 14 كيلومتراً شمال المخا، علماً أن الانقلابيين (ميليشيات الحوثي – صالح) فروا إلى هذه البلدة إثر طردهم من المدينة قبل أقل من أسبوعين. ونقلت الوكالة عن مصادر عسكرية أن الجيش والمقاومة تقدّما، تحت غطاء جوي من التحالف العربي، نحو 10 كيلومترات إلى الشرق من المخا وسيطرا على مواقع للانقلابيين في جبل النار وأخرى "دفاعية" تابعة لمعسكر خالد الذي لا يزال تحت سيطرة الانقلاب. وفي محافظة الحديدة (170 كيلومتراً شمال المخا)؛ قُتِلَ، بحسب ما أوردت "فرانس برس"، 7 مسلحين حوثيين وجُرِحَ 15 آخرون إثر قصفٍ نفذته مقاتِلات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية. وطال القصف، وفقاً لمصادر تحدثت للوكالة، تجمعاتٍ ونقاط عسكرية انقلابية في عدة مناطق في المحافظة. ودُمِّرَت، على الإثر، معدات وأسلحة ومخزن للسلاح ودباباتان، فضلاً عن منصة صواريخ بعد ساعاتٍ قليلةٍ من إطلاق صاروخ منها على موقع للجيش في المخا التي تتبع محافظة تعز. ومنذ ال 7 من يناير الفائت؛ تشن قوات الشرعية، مدعومة بطائرات وسفن التحالف، هجوماً قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي، في عمليةٍ أُطلِقَ عليها اسم "الرمح الذهبي". وهدف العملية طرد الحوثيين من المناطق المطلّة على البحر الأحمر على ساحلٍ يمتد على نحو 450 كيلومتراً، وهي المخا والحديدة ومنطقة ميدي القريبة من الحدود السعودية. والثلاثاء؛ قُتِل أحد أبرز قادة العملية، وهو نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش الوطني، اللواء أحمد سيف اليافعي، بعد استهداف الانقلابيين مدرعته بصاروخٍ حراري. وفي الشمال الشرقي لليمن؛ اندلعت مواجهاتٌ عنيفةٌ فجر أمس في محيط معسكر حام غربي محافظة الجوف، ما أسفر عن مقتل وجرح مسلحين انقلابيين وأفرادٍ في الجيش الوطني. ونقلاً عن مصدرٍ عسكري؛ كتب موقع "المصدر أونلاين" اليمني أن الميليشيات شنت هجوماً على مواقع للجيش في جبهة حام "لكن تم صده وملاحقة المهاجمين في هجوم معاكس أسقط عدداً من القتلى بينهم وخسائر في معداتهم". وأشار الموقع الإلكتروني إلى تقديم طيران التحالف دعماً لقوات الشرعية في المنطقة نفسها. ومعسكر حام واقعٌ تحت احتلال الميليشيات. وعلى جبهةٍ أخرى؛ أفاد "المصدر أونلاين" بشنّ المقاومة الشعبية هجوماً استهدف تعزيزاتٍ للانقلابيين كانت في طريقها إلى مديرية عتمة جنوبي غرب محافظة ذمار (وسط). وذكر المكتب الإعلامي للمقاومة في المحافظة أن "هذا الهجوم (مساء أمس الأول) أسفر عن سقوط عددٍ من القتلى والجرحى الحوثيين". وأفاد المكتب بنصب أفراد المقاومة كميناً محكماً في منطقة جبل ضيق (في آخر حدود مديرية جهران) استهدف التعزيزات الحوثية التي كانت متجهةً من مدينة ذمار (مركز المحافظة) إلى عتمة. وتشهد مديرية عتمة معارك عنيفة بين المقاومة والحوثيين. إلى ذلك؛ دعت الحكومة اليمنية الشرعية الأممالمتحدة إلى تجريم حصارٍ يفرضه الانقلابيون، المدعومون من إيران، على قرى بلاد الوافي غربي مدينة تعز. وأبدت الحكومة، في بيانٍ أمس، استغرابها من عدم إشارة المسؤول "الأممي" للشؤون الإنسانية في اليمن، جيمي مكجولدريك، إلى تسبب الحوثيين وحلفائهم في تدهور الوضع الإنساني في البلاد. واتهم البيان الحوثيين بسرقة المساعدات الإغاثية والمشتقات النفطية وبيعها لتمويل آلة الحرب. واتهمهم، كذلك، بنهب موارد الدولة والضرائب المحلية ومدخرات الصناديق الوطنية واستثمارها في شراء عقارات وبناء قصور لقياداتهم. ومن بين الاتهامات الواردة في البيان تحويل مدارس ومستشفيات ومرافق عامة إلى ثكنات عسكرية. وأكدت الحكومة الشرعية التزامها بالتعامل الجاد مع كل ما يرد من تقارير عن الشأن الإنساني. وأفادت، في بيانها، باطّلاعها على البيان الأخير للمنسق "الأممي" للشؤون الإنسانية. لكنها استغربت من عدم تطرق المنسق إلى الوضع المأساوي في مدينة تعز التي تتعرض منذ نحو سنتين إلى حصار وقصف عشوائي من جانب المتمردين في ظل انعدام شبه كامل للماء والغذاء. وأشارت الحكومة إلى سعي الجيش الوطني، من خلال تحركاته في الساحل الغربي، إلى رفع المعاناة عن المدنيين. وقالت إنهم قابعون، في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة التمرد، تحت وطأة القمع والتجنيد الإجباري والتهجير القسري، فيما تبذل السلطات في المناطق المحرّرة جهوداً لإزالة الألغام وتأهيل المرافق وإيصال المساعدات فضلاً عن إعادة النازحين. في السياق نفسه؛ انتقدت الحكومة الحديث عن عدم قدرة ميناء عدن (جنوب) على استيعاب الطلب على الواردات إلى البلاد، معتبرةً ذلك غير صحيح. وأكدت أن "الميناء في كامل جاهزيته، وقادر على تأمين استقبال كافة المساعدات والقيام بواجباته على أفضل وجه"، مبيّنةً أنها ستعمل على تأمين استقبال المساعدات في عدن وتمريرها بسلاسة عبر المناطق المحرّرة. وطالبت الحكومة مكجولدريك بإدانة حصار الانقلابيين لقرى بلاد الوافي (غربي تعز)، وقالت إنهم يفجرون منازل المدنيين هناك ويهجّرونهم قسراً "ولم نسمع من ينادي برفع الحصار عنهم". وحول قضية صرف الرواتب؛ جددت الحكومة، في بيانها، القول إنها تعمل بكامل طاقتها لصرف أجور الموظفين في كافة المناطق "رغم رفض سلطات الانقلاب (التي تحتل العاصمة صنعاء منذ مطلع 2015) تسليم بيانات الموظفين، وهو ما يؤدي إلى عدم توفّر قاعدة بيانات يُعتمَد عليها". ولفت البيان إلى إعطاء الأولوية للجهات التي تنجز إعداد كشوف موظفيها. وطلب البيان من مؤسسات الأممالمتحدة تجريم زراعة الميليشيات الألغام التي يسقط عشرات الضحايا من المدنيين بسببها، داعياً المنظمات إلى المساعدة في إزالة الألغام في المناطق المحررة "كونها تمثل عائقاً أمام عودة النازحين ودخول المساعدات". في سياقٍ آخر؛ شدد رئيس الجمهورية، عبدربه منصور هادي، على وجوب توحيد مصدر وقرار العمليات الأمنية "منعاً للازدواجية وخلق الثغرات التي تنعكس سلباً على العمل الأمني". ونبّه الرئيس، خلال اجتماع أمني استثنائي أمس في العاصمة المؤقتة عدن، إلى أهمية توحيد الطاقات. ولفت إلى التنسيق مع دول التحالف في إنشاء غرفة عمليات يمنية مشتركة "يشارك فيها الجميع بموجب التخصص والتسلسل القيادي.. ومرجعيتها رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة". وشملت التوجيهات الرئاسية لمديري أمن محافظات اليمن تفعيل عمل أجهزة البحث الجنائي والسجل المدني وغيرها من المصالح المرتبطة بحياة المدنيين. وأبلغ هادي حضور الاجتماع بأن أمن عدن يتأثر سلباً وإيجاباً بحال الأمن في محافظتي لحج وأبين القريبتين. واعتبر أن ذلك يتطلب خطة مدروسة للقضاء على البؤر الإرهابية باعتبارها إحدى أدوات الانقلاب الذي يتبادل معها الأدوار في زعزعة أمن المناطق المحرّرة. وبحسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"؛ وضع الرئيس القيادات الأمنية في صورة التطورات التي تشهدها البلاد على مختلف الأصعدة، مبدياً ارتياحه لجهود الجيش والمقاومة في مواجهة الانقلابيين والإرهابيين. وخلال السنتين الماضيتين؛ حررت قوات الشرعية، بدعمٍ من التحالف، معظم مناطق الجنوب ومساحاتٍ واسعة في الشرق وأخرى شمالاً وغرباً، فيما يتركز وجود المتمردين على صنعاء ومناطق أخرى.